السيرة الحلبية - الحلبي - ج ١ - الصفحة ٣٧١
عليه وسلم أعطيت جوامع الكلم ونصرت بالرعب وأحلت لي الغنائم وجعلت لي الأرض طهورا ومسجدا وأرسلت إلى الخلق كافة والخلق يشمل الإنس والجن والملك والحيوانات والنبات والحجر قال الجلال السيوطي وهذا القول أي إرساله للملائكة رجحته في كتاب الخصائص وقد رجحه قبلي الشيخ تقي الدين السبكي وزاد أنه مرسل لجميع الأنبياء والأمم السابقة من لدن آدم إلى قيام الساعة ورجحه أيضا البارزي وزاد أنه مرسل إلى جميع الحيوانات والجمادات وأزيد على ذلك أنه أرسل إلى نفسه وذهب جمع إلى أنه لم يرسل للملائكة منهم الحافظ العراقي في نكته على ابن الصلاح والجلال المحلي في شرح جمع الجوامع ومشيت عليه في شرح التقريب وحكى الفخر الرازي في تفسيره والبرهان النسفي في تفسيره فيه الإجماع هذا كلامه وبهذا الثاني أفتى والد شيخنا الرملي وعليه فيكون قوله صلى الله عليه وسلم أرسلت للخلق كافة وقوله تعالى * (ليكون للعالمين نذيرا) * من العام المخصوص أو الذي أريد به الخصوص ولا يشكل عليه حديث سلمان إذا كان الرجل في أرض وأقام الصلاة صلى خلفه من الملائكة ما لا يرى طرفاه يركعون بركوعه ويسجدون بسجوده لأنه يجوز أن لا يكون ذلك صادرا عن بعثته إليهم ولا يشكل عليه ما ورد بعثت إلى الأحمر والأسود لما تقدم أن المراد بذلك العرب والعجم وفي الشفاء وقيل الحمر الإنس والسود الجان واستدل للقول الأول القائل بأنه أرسل للملائكة بقوله تعالى * (ومن يقل منهم) * أي من الملائكة * (إني إله من دونه فذلك نجزيه جهنم) * فهي إنذار للملائكة على لسانه صلى الله عليه وسلم في القرآن العظيم الذي أنزل عليه فثبت بذلك إرساله إليهم ودعوى الإجماع منازع فيها فهي دعوى غير مسموعة ثم رأيت الجلال السيوطي ذكر هذا الإستدلال وهو واضح وذكر تسعة أدلة أيضا وهي لا تثبت المدعى الذي هو أن الملائكة يكلفون بشرعه صلى الله عليه وسلم كما لا يخفى على من رزق نوع فهم بالوقوف عليها فعلم أنه صلى الله عليه وسلم مرسل لجميع الأنبياء وأممهم على تقدير وجوده في زمنهم لأن الله تعالى أخذ عليهم وعلى أممهم الميثاق على الإيمان به ونصرته مع بقائهم على نبوتهم ورسالتهم إلى أممهم فنبوته ورسالته أعم وأشمل وتكون شريعته في تلك
(٣٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 366 367 368 369 370 371 372 373 374 375 376 ... » »»