السيرة الحلبية - الحلبي - ج ١ - الصفحة ٢٤٢
على أربع أساطين من زبرجد يغشاهن ياقوتة حمراء وقال للملائكة طوفوا بهذا البيت أي لأرضى عنكم ثم قال لهم ابنوا لي بيتا في الأرض بمثاله وقدره أي ففعلوا وقدره عطف تفسير على مثاله فالمراد بالمثال القدر وفي لفظ لما قال تعالى للملائكة * (إني جاعل في الأرض خليفة) * و * (قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها) * الآية خافوا أن يكون الله تعلى عابها عليهم لإعتراضهم في علمه فطافوا بالعرش سبعا يسترضون ربهم ويتضرعون إليه فأمرهم أن يبنوا البيت المعمور في السماء السابعة وأن يجعلوا طوافهم به فكان ذلك أهون عليهم من الطواف بالعرش ثم أمرهم أن يبنوا في كل سماء بيتا وفي كل أرض بيتا قال مجاهد هي أربعة عشر بيتا متقابلة لو سقط بيت منها لسقط على مقابله والبيت المعمور في السماء السابعة وله حرمة كحرمة مكة في الأرض واسم البيت الذي في السماء الدنيا بيت العزة وفي كلام بعضهم في كل سماء بيت تعمره الملائكة بالعبادة كما يعمر أهل الأرض البيت العتيق بالحج في كل عام والاعتمار في كل وقت والطواف في كل أوان ولينظر ما معنى بناء الملائكة للبيوت في السماوات وإذا لم يصح أن الملائكة بنت الكعبة تكون هذه المرة من بناء قريش هي المرة الثالثة بناء على أن أول من بناها آدم صلى الله عليه وسلم أي أو ولده شيث فقد قال بعضهم ما تقدم من الأثرين الدالين على أن أول من بناها الملائكة لم يصح واحد منها وكانت قبل ذلك أي وكان محلها قبل بناء آدم لها خيمة من ياقوتة حمراء نزلت لآدم من الجنة أي لها بابان من زمرد أخضر شرقي وباب غربي من ذهب منظومان من در الجنة فكان آدم يطوف بها ويأنس إليها وقد حج إليها من الهند ماشيا أربعين حجة ويجوز أن تكون تلك الخيمة هي البيت المعمور وعبر عنها بحمراء لأن سقف البيت المعمور كان ياقوتة حمراء قال وذكر أن آدم لما أهبط إلى الأرض كان رجلاه بها ورأسه في السماء وفي لفظ كان رأسه يمسح السحاب فصلع فأورث ولده الصلع أي بعض ولده فسمع تسبيح الملائكة ودعاءهم فاستأنس بذلك فهابته الملائكة أي صارت تنفر منه فشكا إلى الله تعالى فنقص إلى ستين ذراعا بالذراع المتعارف وقيل بذراع آدم فلما فقد أصوات الملائكة حزن وشكا إلى الله تعالى فقال يا آدم إني قد أهبطت بيتا يطاف به أي تطوف به الملائكة كما يطاف حول عرشي ويصلى عنده كما يصلى عند
(٢٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 237 238 239 240 241 242 243 244 245 246 247 ... » »»