السيرة الحلبية - الحلبي - ج ١ - الصفحة ٢٣٩
فيها جبلا وجعل فيها نهرا وجعل فيها شجرا وجعل فيها بحورا وبه يرد قول بعضهم خلق السماء قبل الأرض والظلمة قبل النور والجنة قبل النار فليتأمل وقد جاء عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما في قوله تعالى * (ومن الأرض مثلهن) * قال سبع أرضين في كل أرض نبي كنبيكم وآدم كآدمكم ونوح كنوحكم وإبراهيم كإبراهيمكم وعيسى كعيسكم رواه الحاكم في المستدرك وقال صحيح الإسناد وقال البيهقي إسناده صحيح لكنه شاذ بالمرة أي لأنه لا يلزم من صحة الإسناد صحة المتن فقد يكون فيه مع صحة إسناده ما يمنع صحته فهو ضعيف قال الحافظ السيوطي ويمكن أن يؤول على أن المراد بهم النذر الذين كانوا يبلغون الجن عن أنبياء البشر ولا يبعد أن يسمى كل منهم باسم النبي الذي يبلغ عنه هذا كلامه أي وحينئذ كان لنبينا صلى الله عليه وسلم رسول من الجن اسمه كإسمه ولعل المراد اسمه المشهور وهو محمد فليتأمل ولما خاطب الله السماوات والأرض بقوله * (ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين) * كان المجيب من الأرض موضع الكعبة ومن السماء ما حاذاها الذي هو محل البيت المعمور وعن كعب الأحبار رضي الله عنه لما أراد الله تعالى أن يخلق محمدا صلى الله عليه وسلم أمر جبريل أن يأتيه بالطينة التي هي قلب الأرض وبهاؤها ونورها فقبض قبضة رسول الله صلى الله عليه وسلم من موضع قبره الشريف وهي بيضاء منيرة لها شعاع عظيم وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أصل طينة رسول الله صلى الله عليه وسلم من سرة الأرض بمكة قال بعض العلماء هذا يشعر بأن ما أجاب من الأرض إلا تلك الطينة أي وقد ذكر الشيخ أبو العباس المرسي رحمه الله تعالى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوما لأبي بكر الصديق رضي الله عنه أتعرف يوم يوم فقال أبو بكر نعم والذي بعثك بالحق نبيا يا رسول الله سألتني عن يوم المقادير يعني يوم ألست بربكم ولقد سمعتك تقول حينئذ أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وقد سئل الشيخ على الخواص نفعنا الله تعالى ببركاته لم لم تتكلم الأنبياء بلسان الباطن الذي تكلم به الصوفية فأجاب بأنه إنما لم تتكلم الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم بذلك لأجل عموم خطابهم للأمة ولا يعتبر بالأصالة إلا فهم العامة دون فهم الخاصة إلا بعض تلويحات ومنه قوله صلى الله عليه وسلم للصديق رضي الله تعالى عنه أتعرف يوم يوم فقال نعم
(٢٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 234 235 236 237 238 239 240 241 242 243 244 ... » »»