السيرة الحلبية - الحلبي - ج ١ - الصفحة ٢٤٥
وفي رواية عنه أنزل الركن والمقام مع آدم ليلة نزل آدم من الجنة فلما أصبح رأى الركن والمقام فعرفهما فضمهما إليه وأنس بهما فليتأمل الجمع وفي رواية أن آدم نزل بتلك الياقوتة أي فعن كعب أنزل الله من السماء ياقوتة مجوفة مع آدم فقال له يا آدم هذا بيتي أنزلته معك يطاف حوله كما يطاف ح حول عرشي ويصلى حوله كما يصلى حول عرشي أي على ما تقدم ونزل معه الملائكة فرفعوا قواعده من الحجارة ثم وضع البيت أي تلك الياقوتة عليها وحينئذ يحتاج إلى الجمع بين هاتين الروايتين عن تقدير صحتهما وقد يقال في الجمع يجوز أن تكون المعية ليست حقيقية والمراد أنه نزل بعده قريبا من نزوله فلقرب الزمن عبر بالمعية فلا ينافي ما تقدم من قوله يا آدم إني قد أهبطت بيتا يطاف به فأخرج إليه وجاء إن آدم نزل من الجنة ومعه الحجر الأسود متأبطه أي تحت إبطه وهو ياقوتة من يواقيت الجنة ولولا أن الله تعالى طمس ضوءه ما استطاع أحد أن ينظر إليه وكون آدم نزل بالحجر الأسود متأبطا له يخالف الرواية المتقدمة أنه نزل مع تلك الخيمة التي هي الياقوتة بعد نزوله وحينئذ يحتاج للجمع بين هاتين الروايتين على تقدير صحتهما وأيضا يحتاج إلى الجمع بين ذلك وبين ما روى عن وهب بن منبه رحمه الله أن آدم لما أمره الله تعالى بالخروج من الجنة أخذ جوهرة من الجنة أي التي هي الحجر الأسود مسح بها دموعه فلما نزل إلى الأرض لم يزل يبكى ويستغفر الله ويمسح دموعه بتلك الجوهرة حتى اسودت من دموعه ثم لما بنى البيت أمره جبريل عليه الصلاة والسلام أن يجعل تلك الجوهرة في الركن ففعل وفي بهجة الأنوار أن الحجر الأسود كما في الابتداء ملكا صالحا ولما خلق الله تعالى آدم أباح له الجنة كلها إلا الشجرة التي نهاه عنها ثم جعل ذلك الملك موكلا على آدم أن لا يأكل من تلك الشجرة فلما قدر الله تعالى أن آدم يأكل من تلك الشجرة غاب عنه ذلك الملك فنظر الله تعالى إلى ذلك الملك بالهيبة فصار جوهرا ألا ترى أنه جاء في الأحاديث الحجر الأسود يأتي يوم القيامة وله يد ولسان وأذن وعين لأنه كان في الابتداء ملكا أقول ورأيت في ترجمة كلام الشيخ كمال الدين الأخميمي أنه لما جاور بمكة رأى الحجر الأسود وقد خرج من مكانه وصار له يدان ورجلان ووجه ومشى ساعة ثم رجع إلى مكانه
(٢٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 240 241 242 243 244 245 246 247 248 249 250 ... » »»