روى الشيخان عن جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما قال لما بنيت الكعبة ذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم والعباس رضي الله تعالى عنه ينقلان الحجارة فقال العباس للنبي صلى الله عليه وسلم اجعل إزارك على رقبتك يقيك الحجارة أي كبقية القوم فإنهم كانوا يضعون أزرهم على عواتقهم ويحملون الحجارة ففعل صلى الله عليه وسلم فخر إلى الأرض فطمحت عيناه إلى السماء أي ونودى عورتك فقال إزاري إزاري أي شدوا علي إزاري فشد عليه وفي رواية سقط فغشى عليه فضمه العباس إلى نفسه وسأله عن شأنه فأخبره أنه نودي من السماء أن شد عليك إزارك وهذا يبعد ما جاء في رواية قال له العباس أي بعد أن أمر بستر عورته وسترها يا ابن أخي اجعل إزارك على رأسك فقال ما أصابني ما أصابني إلا من التعري وفي رواية بينا النبي صلى الله عليه وسلم يحمل الحجارة من أجياد وعليه نمرة فضاقت عليه النمرة فذهب يضعها على عاتقه فبدت عورته فنودي يا محمد خمر عورتك أي غطها فلم ير عريانا أي مكشوف العورة بعد ذلك أي وقد يقال هذا لا يخالف ما تقدم عن العباس رضي الله تعالى عنه لأنه يجوز أن يكون ذلك صدر من العباس حينئذ وغايته أنه سمى النمرة إزارا له قال واستبعد بعض الحفاظ ذلك أي وقوع هذا مع ما تقدم من نهيه عن ذلك أي الذي تضمنه الأمر بالستر عند إصلاح عمه أبي طالب لزمزم قبل هذا قال لأنه صلى الله عليه وسلم إذا نهى عن شيء مرة لا يعود إليه ثانيا بوجه من الوجوه أي وقد عاد إلى ذلك أقول يجوز أن يكون صلى الله عليه وسلم لم يفهم أن أمره بستر عورته أولا عزيمة بل جواز الترك وفي الثانية علم أنه عزيمة لا يقال تقدم من كرامتي على ربي أن أحدا لم ير عورتي وتقدم أن ذلك من خصائصه صلى الله عليه وسلم ففي الخصائص الصغرى أنه صلى الله عليه وسلم لم تر عورته قط ولو رآها أحد طمست عيناه لأنه لا يلزم من كشف عورته صلى الله عليه وسلم رؤيتها كما لم يلزم من حضانته وتربيته ومجامعة زوجاته ذلك فعن عائشة رضي الله تعالى عنها ما رأيت منه صلى الله عليه وسلم والظاهر أن بقية زوجاته كذلك والله أعلم
(٢٣١)