السيرة الحلبية - الحلبي - ج ١ - الصفحة ٢١٦
باب سفره صلى الله عليه وسلم إلى الشام ثانيا وذلك مع ميسرة غلام خديجة بنت خويلد رضي الله تعالى عنها لما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسا وعشرين سنة أي على الراجح من أقوال ستة وعليه جمهور العلماء وتلك أقوال ضعيفة لم تقم لها حجة على ساق وليس له صلى الله عليه وسلم اسم بمكة إلا الأمين لما تكامل فيه من خصال الخير كما تقدم وسبب ذلك أن عمه صلى الله عليه وسلم أبا طالب قال له يا ابن أخي أنا رجل لا مال لي وقد اشتد الزمان أي القحط وألحت علينا أي أقبلت ودامت سنون منكرة أي شديدة الجدب وليس لنا مادة أي ما يمدنا وما يقومنا ولا تجارة وهذه عير قومك وتقدم أنها الإبل التي تحمل الميرة وفي رواية عيرات جمع عير قد حضر خروجها إلى الشام وخديجة بنت خويلد تبعث رجالا من قومك في عيراتها فيتجرون لها في مالها ويصيبون منافع فلو جئتها فوضعت نفسك عليها لأسرعت إليك وفضلتك على غيرك لما يبلغها عنك من طهارتك وإن كنت لأكره أن تأتي الشام وأخاف عليك من يهود ولكن لا تجد لك من ذلك بدا فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم فلعلها ترسل إلي في ذلك فقال أبو طالب إني أخاف أن تولى غيرك فتطلب أمرا مدبرا فافترقا فبلغ خديجة رضي الله تعالى عنها ما كان من محاورة عمه أبي طالب له فقالت ما عملت أنه يريد هذا ثم أرسلت إليه صلى الله عليه وسلم فقالت إني دعاني إلى البعثة إليك ما بلغني من صدق حديثك وعظم أمانتك وكرم أخلاقك وأنا أعطيك ضعف ما أعطى رجلا من قومك ففعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ولقى عمه أبا طالب فذكر له ذلك فقال إن هذا لرزق ساقه الله إليك فخرج صلى الله عليه وسلم مع غلامها ميسرة أي يريد الشام وقالت خديجة لميسرة لا تعص له أمرا ولا تخالف له رأيا وجعل عمومته يوصون به أهل العير أي ومن حين سيره صلى الله عليه وسلم أظللته الغمامة فلما قدم صلى الله عليه وسلم الشام نزل في سوق بصرى في ظل شجرة قريبة من صومعة راهب يقال له نسطورا أي بالقصر فاطلع الراهب إلى ميسرة وكان
(٢١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 211 212 213 214 215 216 217 218 219 220 221 ... » »»