باب شهوده صلى الله عليه وسلم حلف الفضول وهو أشرف حلف في العرب والحلف في الأصل اليمين والعهد وسمى العهد حلفا لأنهم يحلفون عند عقده وكان عند منصرف قريش من حرب الفجار لأن حرب الفجار كان في شوال أي وقيل في شعبان لا في الشهر الحرام أي وإن كان سببه وهو قتل البراض لعروة الرحال كان في الشهر الحرام كما تقدم وكون هذا الحلف كان منصرف قريش من حرب الفجار ظاهر في أنه كان بعد انقضاء الحرب وقبل مجيء الفريقين للموعد من قابل لأن عند مجيئهم من قابل للموعد لم يقع حرب إلا أن يقال أطلق عليه حرب باعتبار أنهم كانوا عازمين على المحاربة وهذا الحلف كان في ذي القعدة وأول من دعا إليه الزبير بن عبد المطلب أي عم رسول الله صلى الله عليه وسلم شقيق أبيه كما تقدم فاجتمع إليه بنو هاشم وزهرة وبنو أسد بن عبد العزى وذلك في دار عبد الله ابن جدعان التيمي كان بنو تيم في حباته كأهل بيت واحد يقوتهم وكان يذبح في داره كل يوم جزورا وينادي مناديه من أراد الشحم واللحم فعليه بدا ابن جدعان وكان يطبخ عنده الفالوذج فيطعمه قريشا أي وسبب ذلك أنه كان أولا يطعم التمر والسويق ويسقى اللبن فاتفق أن أمية بن أبي الصلت مر على بني عبد المدان فرأى طعامهم لباب البر والشهد فقال أمية * ولقد رأيت الفاعلين وفعلهم * فرأيت أكرمهم بني المدان * البر يلبك بالشهاب طعامهم * لا ما يعللنا بنو جدعان * فبلغ شعره عبد الله بن جدعان فأرسل إلى بصرى الشام يحمل إليه البر والشهد والسمن وجعل ينادي مناد ألا هلموا إلى جفنة عبد الله بن جدعان ومن مدح أمية بن أبي الصلت في ابن جدعان قوله * أأذكر حاجتي أم قد كفاني * حياؤك إن سيمتك الحياء * إذا أثنى عليك المرء يوما * كفاه من تعرضك الثناء * كريم لا يغيره صباح * عن الخلق الجميل ولا مساء * يباري الريح مكرمة وجودا * إذا ما الضب أجحره الشتاء * وكان عبد الله بن جدعان ذا شرف وسن وإنه من جملة من حرم الخمر على نفسه في الجاهلية أي بعد أن كان بها مغرما
(٢١١)