السيرة الحلبية - الحلبي - ج ١ - الصفحة ٢١٢
وسبب ذلك أنه سكر ليلة فصار يمد يده ويقبض على ضوء القمر ليمسكه فضحك منه جلساؤه ثم أخبروه بذلك حين صحا فحلف أن لا يشربها أبدا وممن حرمها على نفسه في الجاهلية عثمان بن مظعون رضي الله تعالى عنه وقال لا أشرب شيئا يذهب عقلي ويضحك بي من هو أدنى مني ويحملني على أن أنكح كريمتي من لا أريد فصنع لهم عبد الله بن جدعان طعاما وتعاقدوا وتعاهدوا بالله ليكونن مع المظلوم حتى يؤدي إليه حقه ما بل بحر صوفة أي الأبد وعن عائشة رضي الله تعالى عنها أنها قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم إن ابن جدعان كان يطعم الطعام ويقرى الضيف ويفعل المعروف فهل ينفعه ذلك يوم القيامة فقال لا لأنه لم يقل يوما وفي رواية إنه لم يقال ساعة من ليل أونهار رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين رواه مسلم أي لم يكن مسلما لأن القول المذكور لا يصدر إلا عن مسلم فلا يقال مقتضى الحديث أنه لو قال ذلك لنفعه ما ذكر يوم القيامة مع كونه كان كافرا لأن ممن أدرك البعثة ولم يؤمن وحينئذ يسأل عن الحكمة عن عدوله صلى الله عليه وسلم إلى ذلك عن قوله أنه لم يؤمن بي أو لم يكن مسلما أي وكان يكنى أبا زهير وقد قال صلى الله عليه وسلم في أسرى بدر لو كان أبو زهير أو مطعم بن عدي حيا فاستوهبهم لوهبتهم له وقد ذكر أن جفنة ابن جدعان كان يأكل منها الراكب على البعير أي وسيأتي في غزوة بدر أنه صلى الله عليه وسلم ذكر أنه ازدحم هو وأبو جهل وهما غلامان على مائدة لابن جدعان وأنه صلى الله عليه وسلم دفع أبا جهل لعنه الله فوقع على ركبته فجرحت جرحا أثر فيها وقد جاء أنه صلى الله عليه وسلم قال كنت أستظل بجفنة عبد الله بن جدعان في صكة عمي أي في الهاجرة وسميت الهاجرة بذلك لأن عمي تصغير أعمى على الترخيم رجل من العماليق أوقع بالعدو والقتل في مثل ذلك الوقت وقيل هو رجل من عدوان كان فقيه العرب في الجاهلية فقدم في قومه معتمرا فلما كان على مرحلتين من مكة قال لقومه وهم في نحر الظهيرة من أتى مكة غدا في مثل هذا الوقت كان له أجر عمرتين فصكوا الإبل صكة شديدة حتى أتوا مكة من الغد في وقت الظهيرة ولعل هذا لا يخالفه قول ابن عباس رضي الله تعالى عنهما عجلنا الرواح للمسجد صكة الأعمى فقيل ما صكة الأعمى قال إنه لا يبالي أية ساعة خرج
(٢١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 207 208 209 210 211 212 213 214 215 216 217 ... » »»