عليها بحول الله وقوته ولا أدري بتعب ولا ألم كل ذلك بحول الله سبحانه وتعالى وبركة رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم أنشد وجعل يقول شعرا طاب المسير بنور الله إذ لمعا * وبان ضوء الفجر إذ طلعا (قال الراوي) وسار الإمام علي رضي الله عنه يطوي المنازل ولا يعوج المناهل إلى أن وصل إلى ارض اليمن جعل يكن بالنهار ويمشي بالليل إلى أطراف البلاد وشرف على العمران حتى وصل إلى واد الظل وهو أول الأودية السبعة وهو واد معشب اخضر نعمه عظيمة كثيرة النبات والأشجار والمياه والظل المديد واختلاف الألوان وحسن الأطيار إذا فيه رعاة معهم أغنام ثم نظر إلى صدر الوادي فإذا هو بحصن حصين وهو يسمى حصن حصن الوجيه وهو في صدر الوادي يلوح كأنه لؤلؤة له نور ساطع واشراق لا مع فلما نظر إليه الامام حمد الله تعالى وشكره وأثنى عليه على تيسير العسير الذي قرب إليه البعيد وسهل كل صعب شديد (قال الراوي) ثم انه انحدر إلى ذلك الوادي وإذا عارضه نهر ماء جار يلوح صفاء بياضه والخيل والانعام والإبل وسائر المواشي مرعاه البر الاخر مما يلي ديار القوم والرعاة مجتمعين ومعهم واحد بيده غابه يصفر بها وقد نظره القوم ويرتجزون الاشعار فنزل الامام رضي الله عنه إلى جانب النهر وقد نظره القوم فلم يخاطبهم ثم انه حل منطقه وتوضأ وصلى فلما رآه القوم يصلي بهتوا إليه ولم يدروا ما هو صانع وقد دهشوا من ركوعه وسجوده وقيامه وقعوده فقطعوا ما كانوا فيه من لهوهم ولعبهم وقال بعضهم لبعض كان هذا من بعض كتب العرب فقال بعضهم انما هو جنة وقد أكثر القوم في الامام رضي الله عنه وهو مشغول بما هو فيه (قال الراوي) فلما فرغ من صلاته مال متكئا إلى جحفته فقال بعض القوم من أين أنت أيها الرجل فقال لهم من طين من حمأ مسنون خلقني وقدرني الذي يقول للشئ كن فيكون فقال لهم الراعي ألم أقل لكم انه مجنون قذفته جنية إلى هذا المكان فترك الراعي قول أصحابه وقالوا يا هذا من أين أقبلت فقال له الامام من عند مولاي الذي كفاني بنعمته ونعمني بفضله وكرمه فقال الراعي أفقير مولاك أم غني فقال الامام مولى الموالي
(١٩)