سيرة الإمام علي (ع) - أحمد بن محمد البكري - الصفحة ١٠٤
إليه فعطف على جنبل ولو ضربه بالسيف فقصفه من أعلاه باليسنتان وسار بقية العود في يده كالجريد فألقاه من يده إلى الأرض وأراد ان يجرد سيفه فبادر جنبل بضربة قبل ان يمس حسامه وضربه بالسيف على رأسه فقطع البيضة ونزو إلى أن وصل السيف إلى محارمه وسحب السيف منه فنكس عدو الله على رأسه وعجل الله بروحه إلى النار فلما نظر عدو الله علقمة إلى ذلك لم يطق صبرا دون ان صرخ بقومه فاجتمعوا كلهم بين يديه وقالوا ما تريد أيها السيد أتريد ان نحمل عليه لجمعنا فقال لا وحق المنيع لا يخرج إليه غيري فكفاني هذا العار وكان علقمة جريئا على قتال الرجل لا يهاب الابطال يبادر إلى النزال فلما نظر جنبل إلى خروجه تهيا لقتاله وبادر بالخديعة قبل ان يصل إليه وقال يا سيدي طابت نفسك ان تخرج لقتالي وسفك دمي ونسيت ما واليتني وأكرمتني وما كنت الذي أمدد يدي إليك بسوء لقد قدمت على فعلي ولو علمت ما في قلبك علي من الغيض فلا آمر لك فصاح به علقمة عند ذلك وقال إليك عني فما أسوأك من عبد لقد تعلمت الخداع يا ملعون دع هذا الكلام فلابد لي من قتلك وآخذك وأرميك في النار المنيع بكل امر شنيع يقال جنبل وحق الذي من على بالاسلام وهو الذي خلق السماوات والأرض لئن أظفرني الله بك يا لعين لأقطعن رأسك هذا ما كان منهما واما كان من الملك الهضام لبس خلعة الغضب ولبس درع الغضب فالويل لمن لقيه من أعدائه ثم سار ولم تقدم إليه طليعة بل تقدم بنفسه امام القوم وتلاحقت به العساكر بالخيل والرايات والبنود وأقبلت الكتائب تلو بعضها بعض قبيلة اثر قبيلة وساروا إلى أن وقعت العين على العين فنظر الامام صفوف المشركين فصاح بأعلى صوته معاشر المسلمين ان أعدائكم متأهبون لقتالكم فكونوا على صفوفكم ومراتبكم إلى أن أعود إليكم ثم خرج أمير المؤمنين بنفسه وتقدم إلى القوم بالاعذار والانذار ولم يزل يتقرب إليهم حتى كاد ان يخالطهم وهو يسير على مهل من غير طيش ولا عجل فاضطربت الصفوف وتصارخت الرجال من حول الملك العظيم وقالوا له قف مكانك يا غلام فهذا محل الواقعة ومرتبة بالمملكة ومواقف السلطنة والملك بعينه يراك ويرعاك فان كنت رسولا فقل ما عندك هذا والامام لا يسمع كلامهم ولا يرد جوابهم إلى أن دنا بهم (قال الراوي) ففرح الملك بذلك فرحا شديدا
(١٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 99 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 ... » »»