سيرة الإمام علي (ع) - أحمد بن محمد البكري - الصفحة ١٠٩
ولم يزل الامام يخترق المواكب ويشتتها ويضرب فيهم السيف إلى أن وصل إلى قومه وقد طحن الابطال وهلك فلما وصل إلى أصحابه نادى معاشر الأصحاب قد اتاكم أميركم وحامي حومتكم احملوا بارك الله فيكم فحملوا وهو في أوائلهم وعمد إلى الكافر الغدار المنافق رأس الكفار وقال له هلم إلى الموت والدمار من الفارس الكرار قاتل الفجار ومبيد الكفار وقامع الأشرار وسائقهم إلى الويل والدمار ومفنيهم بالصارم البتار فلم ير له الامام خبر ولا وقع له على اثر وقد اختلط القوم في الظلام وأذاقوا بعضهم الويل إلى أن كلت الخيل من تحتهم وكانت ليلة يا لها من ليلة ما رأى الناس أعظم من قتالها ولا أشد من نزلها ولم ير مثلها على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يزل كذلك الا ان طلع الفجر فافترق القوم عند الصباح وقد ملئت الأرض أشباحا بلا أرواح إلى أن غاصت الخيل في الدماء فلم يكن غير قليل من الليل حتى فقد المشركون صاحبهم الهضام وافتقد المسلمون أميرهم فلم يروه ولا علموا بغية الهضام ولا المسلمون علموا بغيبة الامام اما المسلمون فوضوا أمرهم إلى الله عز وجل وقد اجمعوا أمرهم على أن يقاتلوا إلى أن يفنوا عن آخرهم واما ما كان من امر أمير المؤمنين فإنه كان يدور من العسكر في القتال وهو يطلب عدو الله الهضام فلم يجده ولم يقع على خبره في وقت الحرب فبينما هو كذلك إذ نظر إلى عدو الله الهضام وهو خارج من معمعة هاربا وعلى وجهة طالبا إلى الحصن الذي هو حصن الحصون فخرج الامام في اثره إلى أن وصل إلى الحصن فإذا عليه الحرس الشديد فأراد ان يصل إلى باب الحصن فلم يجد سبيلا فجعل يطوف حول الحصن يمينا وشمالا فإذا هو بخرق كانوا اصطنعوه لأجل خروج المطر منه إذا اجتمع في الحصن مكانه فنظر الامام فيه فوجده ضيقا فشبك في حجر وجذبه من مكانه وأزاله عن بنيانه ثم اقطع آخر ولم يزل كذلك إلى أن دخل الحصن والقوم لا يعلمون بشئ من ذلك بتوفيق الله تعالى واقبل الامام يمشي في الحصن كأنه يعرفه سابقا ويعرف طرقه ومسلكه هدي من الله سبحانه وتعالى ولم يزل كذلك إلى أن وصل إلى القبة التي
(١٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 102 103 104 105 106 107 108 109 110 111 112 » »»