سيرة الإمام علي (ع) - أحمد بن محمد البكري - الصفحة ١١٠
فيها الصنم بتوفيق من الله وهو متعلق في الهواء والقناديل موقودة لا تطفأ ليلا ولا نهارا وليس عنده مساعد ولا خادم فنظر الامام إليه فماج الصنم واضطرب في القبة وتخبط في حيطانها ورمت المردة الموكلون به بنيرانه وارتفع الصنم حتى صار في سماء القبة ورمي الامام من أعلى القبة بالصخر والجنادل وخرج من فم الصنم لهيب النار وظهر للناس رؤوس بلا أبدان وأبدان بلا رؤوس فلما نظر الامام إلى تلك الفعال من الصنم والشياطين والمردة لم يكبر عليه شئ من ذلك بل تبسم ضاحكا وصاح بهم يا ويلكم انا من تعرفوه ولا تنكروه انا البلية انا الصاعقة عليكم انا مفنيكم جيلا بعد جيل فلما فرغ الامام من أوصافه ازداد الامر وكثر الشر وهجمت النيران وعلا الدخان وتصاعدت الزعقات وعظم الشأن ودارت المردة والشياطين حول الامام من كل جانب ومكان فلما نظر الامام ذلك عزم بأسماء الله العظام فعند ذلك جمدت نيرانهم وذهب دخانهم وعاد الصنم المنيع ملقى صريع فاخذ الامام ووضعه في مكان آخر واما الهضام فإنه لما سمع زعقات الامام خاف خوفا شديدا وولى هاربا من معمعة الحرب هاربا وركب جواده إلى أن وصل إلى الحصن الأقصى وكان قد ترك فيه سرية من الرجال فلما ان وصل باب الحصن صرخ بقومه فعرفوا صرخته فنزلوا إليه مسرعين وفتحوا له الباب وسألوه عن حاله فلم يرد عليهم غير أنه قال اغلقوا بابكم واحفظوا حصنكم لئلا يدخل علي بن أبي طالب ومضى إلى الصنم المنيع قاصدا فنزل عن جواده وجعل يهرول ويوسع في خطاه حتى فتح القبة ودخل للصنم مستغيثا ومستجيرا فلما توسط القبة وكان الصباح قد أصبح نادى إلهه المنيع وقال الهي هل عندك ملاذ من سيف الإمام علي ثم رفع إليه فلم يلقه فقال ما انا وأنت الا في البلية سواء فكل منا هارب من علي بن أبي طالب فاما انا فموجود واما أنت فمفقود ووقف وهو حائر وإذ بقائل يقول له بل نزل البلاء من يد الامام المرتضى فلما سمع الهضام التفت إلى ورائه فإذا هو بالامام واقف يخاطبه فاندهش من ذلك وجار وقال يا ابن أبي طالب أنت من السماء نزلت أم من الأرض نبعت فقال له الامام انا معك أينما توجهت ثم اني لصنمك اخذت وهو بي يدي فلما نظر الهضام إلى صنمه وهو في يد الامام جعل يقبله ويقبله ويبكي عليه ويضرع إليه انقض عليه الامام وقبض عليه قبضة
(١١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 102 103 104 105 106 107 108 109 110 111 112 » »»