إلى صاحب الروم وهو ملك دمشق في ذلك الزمان، فقيل له إن اليهود قد تسلطوا على أصحاب رجل كان يذكر لهم أنه رسول الله وكان (1) يحيى الموتى ويبرئ الأكمه والأبرص ويفعل العجائب، فعدوا عليه فقتلوه وأهانوا أصحابه وحبسوهم فبعث فجئ بهم وفيهم يحيى بن زكريا وشمعون وجماعة، فسألهم عن أمر المسيح فأخبروه عنه، فبايعهم في دينهم وأعلى كلمتهم وظهر (2) الحق على اليهود وعلت كلمة النصارى عليهم، وبعث إلى المصلوب فوضع عن جذعه وجئ بالجذع الذي صلب عليه ذلك الرجل فعظمه فمن ثم عظمت النصارى الصليب، ومن هاهنا دخل دين النصرانية في الروم.
وفي هذا نظر من وجوه:
أحدها: أن يحيى بن زكريا نبي لا يقر على أن المصلوب عيسى، فإنه معصوم يعلم ما وقع على جهة الحق.
الثاني: ان الروم لم يدخلوا في دين المسيح إلا بعد ثلاثمائة سنة، وذلك في زمان قسطنطين بن قسطن باني المدينة المنسوبة إليه على ما سنذكره.
الثالث: أن اليهود لما صلبوا ذلك الرجل ثم ألقوه بخشبته جعلوا مكانه مطرحا للقمامة والنجاسة وجيف الميتات والقاذورات، فلم يزل كذلك حتى كان في [زمان] قسطنطين المذكور فعمدت أمه هيلانة الحرانية الفندقانية فاستخرجته من هنالك معتقدة أنه المسيح، ووجدوا الخشبة التي