وإذ تخلق من الطين كهيئة الطير " الآية كلها وإذ جعلت المساكين لك بطانة وصحابة وأعوانا ترضى بهم وصحابة وأعوانا يرضون بك هاديا وقائدا إلى الجنة، فذلك فاعلم خلقان عظيمان من لقيني بهما فقد لقيني بأزكى الخلائق وأرضاها عندي.
وسيقول لك بنو إسرائيل صمنا فلم يتقبل صيامنا وصلينا فلم تقبل صلاتنا وتصدقنا فلم تقبل صدقاتنا وبكينا بمثل حنين الجمال فلم يرحم بكاؤنا. فقل لهم: ولم ذاك وما الذي يمنعني؟ أن ذات يدي قلت؟
أوليس خزائن السماوات والأرض بيدي أنفق منها كيف أشاء. أو إن البخل يعتريني (1)، أو لست أجود من سئل (2) وأوسع من أعطى. أو أن رحمتي ضاقت؟ وإنما يتراحم المتراحمون بفضل رحمتي.
ولولا أن هؤلاء القوم يا عيسى بن مريم غروا (3) أنفسهم بالحكمة التي تورث في قلوبهم ما استأثروا (4) به الدنيا أثرة على الآخرة لعرفوا من أين أتوا (5)، وإذا لأيقنوا أن أنفسهم هي أعدى الأعداء لهم، وكيف أقبل صيامهم وهم يتقوون عليه بالأطعمة الحرام [وكيف أقبل صلاتهم وقلوبهم تركن إلى الذين يحاربوني ويستحلون محارمي (6)] وكيف أقبل صدقاتهم وهم يغصبون الناس عليها فيأخذونها من غير حلها، يا عيسى إنما أجزى عليها أهلها، وكيف أرحم بكاءهم وأيديهم تقطر من دماء الأنبياء! ازددت عليهم غضبا.