فكان الواجب عليهم أن يعتقدوا أنه عبد الله ورسوله وابن أمته العذراء البتول التي أحصنت فرجها فبعث الله الملك جبريل إليها فنفخ فيها عن أمر الله نفخة حملت منها بولدها عيسى عليه السلام، والذي اتصل بها من الملك هي الروح المضافة إلى الله إضافة تشريف وتكريم، وهي مخلوقة من مخلوقات الله تعالى كما يقال: بيت الله وناقة الله و عبد الله، وكذا روح الله أضيفت إليه تشريفا لها وتكريما. وسمى عيسى بها لأنه كان بها من غير أب وهي الكلمة أيضا التي عنها خلق وبسببها وجد كما قال تعالى: " إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون (1) ". وقال تعالى: " وقالوا اتخذ الرحمن ولدا سبحانه بل له ما في السماوات والأرض كل له قانتون. بديع السماوات والأرض وإذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون (2) ".
وقال تعالى: " وقالت اليهود عزير ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله ذلك قولهم بأفواههم يضاهئون قول الذين كفروا من قبل قاتلهم الله أنى يؤفكون (3) ".
فأخبر تعالى أن اليهود والنصارى عليهم لعائن الله، كل من الفريقين ادعوا على الله شططا وزعموا أن له ولدا، تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا وأخبر أنهم ليس لهم مستند فيما زعموه ولا فيما ائتفكوه، إلا مجرد القول ومشابهة من سبقهم إلى هذه المقالة الضالة تشابهت قلوبهم.
وذلك أن الفلاسفة عليهم لعنة الله زعموا أن العقل الأول صدر