وقد صار افتتاح كتب التاريخ العام بقصص الأنبياء وبدء الخلق سنة متبعة، منذ صنف أبو جعفر محمد بن جرير الطبري المولود سنة 234 ه بطبرستان، تاريخه الكامل وتناول فيه تاريخ العالم من بدء الخلق إلى عصره.
ومن بعده أبو الحسن علي بن الحسين المسعودي المتوفى سنة 345 في تاريخ " مروج الذهب ".
ومعنى ذلك أن موضوع قصص الأنبياء كان موضع اهتمام كتاب السيرة والتاريخ المسلمين منذ عصر التدوين إلى عصر ابن كثير.
وعلينا الآن أن نتأمل منهج ابن كثير في قصص الأنبياء لنرى ما قدمه من جديد وما تفرد به من خصائص، مما يعد تجديدا في هذا الجانب من التاريخ.
إن ذلك يقتضينا أن ننظر في مصادر ابن كثير في قصص الأنبياء ونصنفها حسب تعويله عليها.
وأول ما يتضح لنا أن ابن كثير قد جعل القرآن الكريم مصدره الأول في تاريخ الأنبياء، فعول على طريقته والتزم بأخباره، وقطع بأن كل ما يخالفه من أقوال أهل الكتاب فهو كذب وبهتان، وذلك الحق الذي يقطع به كل مسلم.
ويبدأ ابن كثير في كل قصة من قصص الأنبياء بجمع الآيات القرآنية المنعلقة بها باستقصاء من كل سور القرآن، حسب ترتيب السور.
ثم يجنح إلى جانب التفسير فيستخرج دلائل الآيات الكريمة بمنهجه المشهور، من تفسير القرآن، ثم بالسنة والأثر.