4 - وقد عنى ابن كثير بدفع الشبه التي أثارها كثير من المفسرين والمتلقين عن أهل للكتاب، واستطاع بمقدرته في التفسير وقوته في الاستدلال أن يوضح جانب الحق وأن يرد كثيرا من الآراء الفاسدة التي لا تتفق مع كرامة الأنبياء.
فقد كان موفقا في تأويل الآيات التي ثار حولها الخلاف وكثرت الأقاويل، كموقفه من تأويل قوله سبحانه على لسان لوط: " هؤلاء بناتي هن أطهر لكم " وقوله عن يوسف: " ولقد همت به وهم بها " وكذلك بيانه لقول الخليل عليه السلام " بل فعله كبيرهم هذا " وكذلك فصله في احتجاج موسى وآدم عليه السلام، وغير ذلك.
وهذا جانب لم يهتم به أحد من المؤرخين من قبل، إنما دفع ابن كثير إليه إمامته في التفسير واهتمامه بمقاصد الهداية من قصص الأنبياء.
وبذلك يمكننا القول أن تناول ابن كثير لقصص الأنبياء يعتبر جديدا في منهجه، إذ نلمح فيه عناصر أخرى غير التاريخ، كالتفسير والحديث، والعظة والتوجيه، وفى بعض الأحيان اللغة والأدب، وقد مزج ابن كثير بين هذه العناصر وجعل الصدارة فيها للتصور القرآني لقصص الأنبياء، فهو بحق تعبير صادق عن النظرة الاسلامية لهذا الموضوع وقد برئ من الحشو والتكلف والولوع بالغرائب، وساير منهج العقل والعلم، ونفر من الخرافات والأباطيل.
وذلك ما جعلني أرى في نشر هذا الكتاب ضرورة لعصرنا وتراثنا على السواء.