فدعا الحسن (عليه السلام) بوكيله وجعل يحاسبه على نفقاته حتى استقصاها فكانت ثلاثمائة ألف درهم، ثم قال له: هات الفاضل عن الثلاثمائة ألف: فأحضر خمسين ألفا. ثم قال: فما فعلت بالخمسمائة دينار؟ قال: هي عندي. قال: فأحضرها.
فأحضرها، ودفع الدراهم والدنانير إلى الرجل وقال: هات من يحملها. فأتاه بحمالين، فدفع إليهما الحسن (عليه السلام) رداءه باجرة الحمل.
فقال له مواليه: والله ما بقي عندنا درهم. فقال: لكني أرجو أن يكون لي عند الله أجر عظيم (1).
وقيل: إن الحسن بن علي (عليهما السلام) كان يخرج كل ليلة إذا انتصف الليل حتى يأتي المسجد فيصلي ويدعو ويتضرع إلى الله تعالى، فتبعه بعض شيعته ليلة من الليالي، قال: فلما بلغ الحسن (عليه السلام) باب المسجد رمى بطرفه نحو السماء ثم قال: اللهم غلقت الملوك أبوابها، وقام عليها حراسها، وبابك مفتوح لمن دعاك. ثم دخل المسجد وصلى ركعتين، ورفع رأسه إلى السماء وقال:
يا ذا المعالي عليك معتمدي * طوبى لمن كنت أنت مولاه طوبى لمن كان خائفا وجلا * يشكو إلى ذي الجلال بلواه وما به علة ولا سقم * أكثر من حبه لمولاه إذا خلا في الظلام مبتهلا * أكرمه الله ثم أدناه إذا شكا بثه وحاجته * أجابه الله ثم لباه قال: فسمع صوتا وهو يقول:
سلني عبدي وأنت في كنفي * فكلما قلت قد علمناه صوتك تشتاقه ملائكتي * فحسبك الصوت قد سمعناه لو هبت الريح من جوانبه * خر صريعا لما تغشاه دعاءك عبدي (2) في حجبي * وذنبك اليوم قد غفرناه وقال سليم بن قيس الهلالي: سمعت عبد الله بن جعفر يقول: قال لي معاوية: