الدر النظيم - إبن حاتم العاملي - الصفحة ٤٩٩
ويزعمون أنه رب العالمين غير هارون وحده، وقد بقي مع صاحبنا - الذي هو من نبينا بمنزلة هارون من موسى - أناس منهم سلمان وأبو ذر والمقداد والزبير، ثم رجع الزبير وثبت هؤلاء الثلاثة مع إمامهم حتى لقوا الله. وتعجب يا معاوية من الأمة واحدا بعد واحد وقد نص عليهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) بغدير خم وفي غير موطن وأمر بطاعتهم وأخبر أن أولهم علي بن أبي طالب ولي كل مؤمن ومؤمنة من بعده وأنه خليفته فيهم ووصيه، وقد بعث رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) جيشا يوم مؤتة فقال:
عليكم بجعفر، فإن هلك فزيد، فإن هلك فعبد الله بن رواحة، فقتلوا جميعا، وتراه ترك الأمة جميعا ولم يبين لهم الخليفة من بعده ليختاروا هم لأنفسهم الخليفة، كأن رأيهم لأنفسهم أهدى لهم وأشد من رأيه واختياره! وما ركب القوم ما ركبوا إلا بعد ما بينه لهم ولم يتركهم في غماء ولا في شبهة. فأما ما قال الرهط الأربعة الذين تظاهروا على علي (عليه السلام) وكذبوا على رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنه قال: " إن الله تعالى لا يجمع لنا أهل البيت النبوة والخلافة " فقد لبسوا على الناس بشهادتهم بكذبهم ومكرهم. قال معاوية: ما تقول يا حسن؟ فقال: يا معاوية قد سمعت ما قال ابن عباس، ثم العجب منك يا معاوية ومن قلة حياءك ومن جرأتك على الله حين قلت:
" قد قتل الله طاغيتكم ورد الأمر إلى معدنه " فأنت يا معاوية معدن الخلافة من دوننا؟! ويل لك يا معاوية وللثلاثة الذين أجلسوك هذا المجلس وسنوا لك هذه السنة، لأقولن كلاما ما أنت أهله ولكن أقول يسمع بنو أبي هؤلاء الذين حولي: إن الناس قد اجتمعوا على أمور كثيرة ليس بينهم اختلاف فيها ولا تنازع ولا فرق على شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله عبده والصلوات الخمس والزكاة المفروضة وصوم شهر رمضان وحج بيت الله الحرام ثم أشياء كثيرة لا تحصى ولا يعدها إلا الله، واجتمعوا على تحريم الزنا والسرق والكذب والقطيعة والخيانة وأشياء كثيرة من معاصي الله عز وجل، واختلفوا في سنة كبيرة - اقتتلوا فيها وصاروا فيها فرقا يلعن بعضهم بعضا وهي الولاية ويبرأ بعضهم من بعض ويقتل بعضهم بعضا - أنهم أحق بها وأولى إلا فرقة تتبع كتاب الله وسنة نبيه (عليه السلام)، فمن
(٤٩٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 494 495 496 497 498 499 500 501 502 503 504 ... » »»