الدر النظيم - إبن حاتم العاملي - الصفحة ٤٦٧
إلى الخلائق بأجزالها (1)، وآمن (2) بالندب إلى أمثالها.
وأشهد أن لا إله إلا الله، كلمة جعل الإخلاص تأويلها (3)، وضمن القلوب موصولها (4)، وأبان في الفكر محصولها، وأظهر فيها معقولها (5)، الممتنعة من الأبصار رؤيته، ومن الألسن صفته، ومن الأوهام الإحاطة به، ابتدع الأشياء لامن شئ كان قبله، وأنشأها بلا احتذاء امتثله (6)، وفطرها لغير فائدة زادته إلا إظهارا لقدرته، وتعبدا لبريته، وإعزازا لأهل دعوته، ثم جعل الثواب لأهل طاعته، وجعل العقاب لأهل معصيته، زيادة (7) لأوليائه عن نقمته، وحياشة لهم إلى جنته (8).
وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، واختاره قبل أن ينتجبه، واصطفاه قبل أن يبعثه، إذ الخلائق تحت الغيوب مكنونة، وبستر الأهاويل مصونة (9)، وبنهاية العدم مقرونة، علما من الله تعالى بمآيل الأمور (10)، وإحاطة منه بحوادث الدهر، ومعرفة

(1) يقال أجزلت له من العطاء أي أكثرت، أي طلب منهم الحمد بسبب إجزال النعم وإكمالها عليهم.
(2) وفي نسخة البحار: " وثنى " بدل " وآمن " والمعنى: أي بعد أن أكمل لهم النعم الدنيوية ندبهم إلى تحصيل أمثالها من النعم الأخروية.
(3) المراد بالإخلاص جعل الأعمال كلها خالصة لله تعالى، وعدم شوب الرياء والأغراض الفاسدة، وعدم التوسل بغيره تعالى في شئ من الأمور، فهذا تأويل كلمة التوحيد.
(4) لعل المراد أن الله تعالى ألزم وأوجب على القلوب ما تستلزمه هذه الكلمة من عدم تركيبه تعالى وعدم زيادة صفاته الكمالية الموجودة وأشباه ذلك مما يؤول إلى التوحيد.
(5) أي أوضح في الأذهان ما يتعقل من تلك الكلمة بالتفكر في الدلائل والبراهين.
(6) احتذى مثاله: اقتدى به.
(7) الذود والذياد: السوق والطرد والدفع والإبعاد.
(8) حشت الصيد أحوشه: إذا جئته من حواليه لتصرفه إلى الحبالة، ولعل التعبير بذلك لنفور الناس بطباعهم عما يوجب دخول الجنة.
(9) لعل المراد بالستر ستر العدم أو حجب الأصلاب والأرحام، ونسبته إلى الأهاويل لما يلحق الأشياء في تلك الأحوال من موانع الوجود وعوائقه، ويحتمل أن يكون المراد أنها كانت مصونة عن الأهاويل بستر العدم إذ هي إنما تلحقها بعد الوجود. وقيل: التعبير بالأهاويل من قبيل التعبير عن درجات العدم بالظلمات.
(10) على صيغة الجمع أي عواقبها.
(٤٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 462 463 464 465 466 467 468 469 470 471 472 ... » »»