الدر النظيم - إبن حاتم العاملي - الصفحة ٤٧١
وتقتاتون القد (1)، أذلة خاشعين، تخافون أن يتخطفكم الناس من حولكم.
فأنقذكم الله بنبيه (صلى الله عليه وآله) بعد اللتيا والتي (2)، وبعد أن مني ببهم الرجال وذؤبان العرب (3) * (كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله) *، وكلما نجم (4) ناجم بالضلال أو فغرت فاغرة للمشركين (5) قذف أخاه في لهواتها (6)، فلا ينكفئ حتى يطأ صماخها بأخمصه (7)، ويخمد لهبها بحد سيفه، مكدودا دؤوبا في ذات الله عز وجل (8)، وأنتم وادعون في رفاهية آمنون، تتوكفون الأخبار (9)، وتنكصون عن النزال (10)، وترمقون ما يصير إليه الحال حتى إذا اختار الله لنبيه (صلى الله عليه وآله) دار أنبيائه ومحل أصفيائه ظهرت حسكة النفاق (11)، وسمل جلباب الدين (12)، ونطق كاظم (13)،

(1) القد بكسر القاف وتشديد الدال: القديد وهو اللحم المملوح المجفف بالشمس.
(2) اللتيا بفتح اللام وتشديد الياء: تصغير التي، وجوز بعضهم فيه ضم اللام، وهما كنايتان عن الداهية الصغيرة والكبيرة.
(3) يقال مني بكذا - على صيغة المجهول - أي ابتلي. وبهم الرجال: الشجعان منهم لأنهم من شدة بأسهم لا يدرى من أين يؤتون. وذؤبان العرب: لصوصهم وصعاليكهم.
(4) نجم الشئ نجوما: ظهر وطلع.
(5) فغر فاه: أي فتحه، والفاغرة من المشركين: الطائفة العادية منهم تشبيها بالحية أو السبع.
(6) القذف: الرمي. واللهوات بالتحريك: جمع لهاة وهي اللحمة في أقصى سقف الفم. والمعنى:
أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) كلما أراده طائفة من المشركين أو عرضت له داهية عظيمة بعث عليا (عليه السلام) لدفعها وعرضه للمهالك.
(7) انكفأ بالهمزة: أي رجع، والصماخ بالكسر: ثقب الاذن والاذن نفسها، والأخمص: ما لا يصيب الأرض من باطن القدم عند المشي. ووطي الصماخ بالأخمص عبارة عن القهر والغلبة على أبلغ وجه.
(8) المكدود: من بلغه التعب والأذى، وذات الله: أمره ودينه وكل ما يتعلق به سبحانه.
(9) التوكف: التوقع. والمراد أخبار المصائب والفتن.
(10) النكوص: الإحجام والرجوع عن الشئ، والنزال بالكسر: أن ينزل القرنان عن إبلهما إلى خيلهما فيتضاربا.
(11) الحسكة: العداوة.
(12) سمل الثوب: صار خلقا، والجلباب بالكسر: الملحفة.
(13) الكظوم: السكوت.
(٤٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 466 467 468 469 470 471 472 473 474 475 476 ... » »»