الدر النظيم - إبن حاتم العاملي - الصفحة ٤٧٠
فإن تعزوه (1) تجدوه أبي دون نسائكم، وأخا ابن عمي دون رجالكم، فبلغ بالنذارة (2)، وصدع بالرسالة، مائلا عن مدرجة (3) الناكثين، ناكبا عن سنن المشركين، ضاربا لأثباجهم (4)، آخذا بأكضامهم (5)، يجذ الأصنام، وينكت الهام (6)، داعيا إلى سبيل ربه بالحكمة والموعظة الحسنة حتى انهزم الجمع وولى الدبر، وحتى تولى (7) الليل عن صبحه، وأسفر الحق (8) عن محضه، ونطق زعيم الدين (9)، وخرست شقاشق الشياطين (10)، وفهتم بكلمة الإخلاص (11)، وكنتم على شفا حفرة من النار، مذقة الشارب، ونهزة الطاعن (12)، وقبسة العجلان (13)، وموطئ الأقدام (14)، تشربون الرنق (15)،

(١) يقال: " عزوته إلى أبيه " إذا نسبته إليه، أي إن ذكرتم نسبه وعرفتموه تجدوه أبي وأخا ابن عمي.
(٢) النذارة بالكسر: الإنذار وهو الإعلام على وجه التخويف.
(3) المدرجة: المذهب والمسلك.
(4) الثبج بالتحريك: وسط الشئ ومعظمه.
(5) الكظم بالتحريك: مخرج النفس من الحلق. والمعنى أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) كان لا يبالي بكثرة المشركين واجتماعهم ولا يداريهم في الدعوة.
(6) النكت: إلقاء الرجل على رأسه، يقال: طعنه فنكته. والهام جمع الهامة وهي الرأس والمراد قتل رؤساء المشركين وقمعهم وإذلالهم أو المشركين مطلقا.
(7) في نسخة البحار: تضرى. والمعنى: انشق حتى ظهر ضوء الصباح.
(8) يقال: " أسفر الصبح " أي أضاء.
(9) زعيم القوم: سيدهم والمتكلم عنهم، والزعيم أيضا الكفيل.
(10) الشقاشق جمع شقشقة بالكسر وهي شئ كالرية يخرجها البعير من فيه إذا هاج، وإذا قالوا للخطيب ذو شقشقة فإنما يشبه بالفحل.
(11) يقال: فاه فلان بالكلام - كقال - أي لفظ به، كتفوه. وكلمة الإخلاص كلمة التوحيد. وفيه تعريض بأنه لم يكن إيمانهم عن قلوبهم.
(12) مذقة الشارب: شربته. والنهزة بالضم: الفرصة، أي محل نهزته. أي كنتم قليلين أذلاء يتخطفكم الناس بسهولة.
(13) القبسة بالضم: شعلة من نار يقتبس من معظمها. والإضافة إلى العجلان لبيان القلة والحقارة.
(14) وطي الأقدام مثل مشهور في المغلوبية والمذلة.
(15) الرنق: تراب في الماء من القذى ونحوه. ورنق الماء: كدر.
(٤٧٠)
مفاتيح البحث: الحلق (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 465 466 467 468 469 470 471 472 473 474 475 ... » »»