الدر النظيم - إبن حاتم العاملي - الصفحة ٤٧٢
ونبغ خامل (1)، وهدر فنيق الباطل (2) يخطر في عرصاتكم (3)، فأطلع الشيطان رأسه من مغرسه (4) صارخا بكم، فوجدكم لدعوته مستجيبين، وللغرة ملاحظين (5)، واستنهضكم فوجدكم إليه سراعا، وأحمشكم فألفاكم لدعوته غضابا (6)، فوسمتم غير إبلكم (7)، وأوردتم غير شربكم (8)، هذا والعهد قريب، والكلم رحيب (9)، والجرح لما يندمل (10)، والرسول لما يقبر (11)، إنذارا (12) زعمتم خوف الفتنة (13) * (ألا في الفتنة سقطوا وإن جهنم لمحيطة بالكافرين) * (14).
فهيهات منكم، وأين بكم؟ وأنى تؤفكون (15)؟ وكتاب الله بين

(١) نبغ: ظهر، ونبغ الرجل: إذا لم يكن في إرث الشعر ثم قال وأجاد. والخامل: من خفي ذكره وصوته وكان ساقطا لا نباهة له.
(٢) الهدير: ترديد البعير صوته في حنجرته. والفنيق: الفحل المكوم من الإبل الذي لا يركب ولا يهان لكرامته على أهله.
(٣) يقال: خطر البعير بذنبه إذا رفعه مرة بعد أخرى وضرب به فخذيه.
(٤) في بلاغات النساء والاحتجاج: مغرزه.
(٥) الغرة بالكسر: الاغترار والانخداع. وملاحظة الشئ: مراعاته، وأصله من اللحظ وهو النظر بمؤخر العين، وهو إنما يكون عند تعلق القلب بشئ، أي وجدكم الشيطان لشدة قبولكم للانخداع كالذي كان مطمح نظره أن يغتر بأباطيله.
(٦) أحمشت الرجل: أغضبته، وأحمشت النار: ألهبتها، أي حملكم الشيطان على الغضب فوجدكم مغضبين لغضبه، أو من عند أنفسكم.
(٧) الوسم: أثر الكي، أي علمتم بأثر الكي غير إبلكم.
(٨) الورود: حضور الماء للشرب، والإيراد: الإحضار. والشرب بالكسر: الحط من الماء. وهما كنايتان عن أخذ ما ليس لهم بحق من الخلافة والإمامة وميراث النبوة.
(٩) الكلم: الجرح، والرحب بالضم: السعة.
(١٠) الجرح بالضم الاسم، وبالفتح المصدر. و " لما يندمل " أي لم يصلح بعد.
(١١) يقبر: يدفن.
(١٢) في الاحتجاج: ابتدارا.
(١٣) أي ادعيتم وأظهرتم للناس كذبا وخديعة إنا إنما اجتمعنا في السقيفة دفعا للفتنة مع أن الغرض كان غصب الخلافة عن أهلها وهو عين الفتنة.
(١٤) التوبة: ٤٩.
(١٥) " هيهات " للتبعيد، وفيه معنى التعجب، وكذلك " كيف " و " أنى " تستعملان في التعجب. وأفكه: صرفه عن الشئ وقلبه، أي إلى أين يصرفكم الشيطان وأنفسكم والحال أن كتاب الله بينكم!
(٤٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 467 468 469 470 471 472 473 474 475 476 477 ... » »»