الدر النظيم - إبن حاتم العاملي - الصفحة ٤١٤
فبينما هو ينشد هذا الشعر إذ سمعته قطام فسلت سيف عبد الرحمن من غمده ثم سقته سما وأعادته في غمده، ثم أتى عبد الرحمن لعنه الله المسجد وكمن في طاق من طاقات المسجد قال: ثم نزل من الطاق وغلبه النوم، ثم دخل أمير المؤمنين (عليه السلام) المسجد فأذن، فلما فرغ من أذانه والمسجد مظلم ولا يدري من النائم من ظلمة الليل وظلمة المسجد، فرفسه أمير المؤمنين (عليه السلام) وقال له: يا نائم قم صل، فانتبه عبد الرحمن، ودنا أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى الصلاة فحمل عدو الله في ظلمة الليل وظلمة المسجد فضربه على هامته فخر صريعا، وأقبل المسلمون وقالوا قتل أمير المؤمنين.
وخرج أبو ذر العبدي - وليس بالغفاري - وهو من عبد القيس فلقيه عبد الرحمن بن ملجم لعنه الله مذعورا، فقال له: أخا مراد لعلك قتلت أمير المؤمنين؟ فأراد أن يقول لا فحول الله عز وجل لسانه فقال نعم، فلببه العبدي وجلد به الأرض وأقبل حتى أدخله على أمير المؤمنين (عليه السلام) فلما نظر إليه قال: إن أعيش فأنا ولي ثاري، وإن أمت فضربة بضربة فنعم العون كان لنا على عدونا.
قال: فلما كانت ليلة تسع عشرة من شهر رمضان دخلت أم كلثوم على أبيها وهي باكية فقالت: يا أبتاه على من تخلف اليتامى الصغار والضعفاء فبكى (عليه السلام) وقال: أخلفكم على من خلفني حبيبي رسول الله (صلى الله عليه وآله). ثم قال لها: يا أم كلثوم أخرجي وأجفي الباب.
قالت أم كلثوم: ففعلت ذلك ونحن مجتمعون وليس في البيت آدمي غيره، فسمعنا قائل يقول من داخل البيت: أفمن يلقى في النار خير أم من يأتي آمنا يوم القيامة! وقال آخر: اليوم تضعضعت أركان الإيمان، وذهب نور الاسلام، وقبض رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ومات علي بن أبي طالب، إنا لله وإنا إليه راجعون.
قالت أم كلثوم: فلما سمعت الصوت أفزعنا، فدخلنا على علي (عليه السلام) فإذا هو فارق الدنيا وهو مسجى بثوبه، فدفن أمير المؤمنين، وهم الحسن والحسين (عليهما السلام) بإمضاء وصيته في ابن ملجم لعنه الله.
(٤١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 409 410 411 412 413 414 415 416 417 418 419 ... » »»