الدر النظيم - إبن حاتم العاملي - الصفحة ٤١٢
قال أمير المؤمنين (عليه السلام): لما خضب رسول الله (صلى الله عليه وآله) لحيته بسواد قلت: يا رسول الله ما أحسن هذا الخضاب، أفلا أخضب لحيتي اقتداء بك؟ فقال: لا يا علي دعها فسيبعث بعدي أشقى الأولين والآخرين شقيق عاقر ناقة صالح فيضربك على رأسك ضربة يخضب منها لحيتك وأنت في السجود بين يدي الله عز وجل. فقلت:
يا رسول الله في سلامة من ديني؟ قال: في سلامة من دينك.
قيل: لما قتل أمير المؤمنين (عليه السلام) الخوارج لم يبق منهم إلا اثنين وأنهما تابا ورجعا وصارا من أصحاب علي (عليه السلام) يقال لأحدهما البرك وللآخر عبيد. فلما قدم أمير المؤمنين (عليه السلام) الكوفة أمر لعبد الرحمن بن ملجم لعنه الله بفرس عربي، فخرج يجول عليه في أزقة الكوفة، فإذا هو بامرأة ذات جمال ومنصب في قومها، فلما نظر إليها شغف بها حتى اشتد وجده بها، فدنا منها فقال لها: أيم أنت ذات بعل؟
قالت: بل أيم.
قال لها: فمن ينكحك؟ قالت: أوليائي، قال: فما صداقك؟ قالت: ثلاثة آلاف درهم وعبد وقينة وقتل علي بن أبي طالب. فقال لها عبد الرحمن: ويلك أما علمت أن عليا أصلع قريش فمن يقدم عليه. قال: وذلك أنها كانت لا تزوج نفسها إلا بقتل علي (عليه السلام) لأن عليا (عليه السلام) كان قد قتل أباها وأخاها وزوجها وابنا لها مبارزة يوم النهروان، فلم تزل به تخدعه حتى صالحها على ثلاثة آلاف وعبد وقينة وضربة يضربها عليا (عليه السلام) بالسيف حيا منها أو مات، وذلك في شعبان.
قال: فانطلق من عندها حتى أتى البرك وعبيدا فتذكروا النهروان، فقال عبد الرحمن: لا يصلح الناس إلا على قتل ثلاثة، فعلى كل رجل منا قتل رجل منهم. فقال البرك: علي قتل معاوية بن أبي سفيان. وقال عبيد: علي قتل عمرو بن العاص. وقال عبد الرحمن: علي قتل علي بن أبي طالب.
قال: ثم تواعدوا على قتل القوم في شهر رمضان. فلما كانت أول ليلة منه أتى البرك معاوية فضربه مدبرا فوقعت الضربة في أليته في لحم كثير ففلق أليته، فأخذه الناس فالتفت إليه معاوية، فقال له البرك: قتلتك يا عدو الله. قال: كلا يا بن أخي
(٤١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 407 408 409 410 411 412 413 414 415 416 417 ... » »»