الدر النظيم - إبن حاتم العاملي - الصفحة ٤١٨
رسول الله (صلى الله عليه وآله) قتلني المرادي ورب الكعبة، هكذا ألقى حبيبي رسول الله (صلى الله عليه وآله)، هكذا ألقى فاطمة، هكذا ألقى أخي جعفر الطيار في الجنة، هكذا ألقى حمزة سيد الشهداء. وارتفعت الضجة والرنة بالكوفة، وخرج الناس ودخلوا مسجد الكوفة ونظروا إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) وهو يجود بنفسه.
فلما نظر الحسن (عليه السلام) إلى أبيه وما نزل به عط ثوبه وقال: يا أبتاه نفسي لنفسك الفداء، وخدي لخدك الفداء، ليتني لم أشهد هذا اليوم ولم أره. فلما أن سمع أمير المؤمنين (عليه السلام) مقالة الحسن والحسين نادى: أسندوني أجلسوني. ثم قال (عليه السلام): أدن يا حسن مني، ادن يا حسين مني. فضمهما إلى صدره وأقبل يقبل بين عينيهما ويقول: لا بأس عليكما وأبوكما أكرم على الله من أن يفوتكما قاتله، وسيؤتى به من هذا الباب، وأومأ بيده نحو باب كندة.
وركب رجل من عبد القيس واستقبل عبد الرحمن لعنه الله وهو شاهر سيفه وهو يقطر دما، فصاح به صيحة فقال: ثكلتك أمك لعلك قاتل أمير المؤمنين.
فذهب يقول " لا " فقلب الله لسانه وفاه فقال: " نعم ". فأخرج عمامته من رأسه فوضعها في عنقه وجعل يقوده خاضعا ذليلا حتى أوقفه بين يدي أمير المؤمنين.
فلما نظر إليه قال له: يا عبد الرحمن. فأجابه: لبيك وسعديك. فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام) لا لبيك ولا سعديك شر أمير كنت لك؟! ألم أكن أطعمك وألبسك مما ألبس وأفضلك في عطائك من مال بيت المسلمين على جميع أصحابي؟! فقال:
بلى والله يا أمير المؤمنين، ها أنا ذا واقف بين يديك فافعل ما شئت.
ثم إن عليا (عليه السلام) رجع إلى نفسه الطاهرة فتلا هذه الآية: * (وكان أمر الله قدرا مقدورا) * ثم أمر بعبد الرحمن إلى السجن، ثم التفت إلى الحسن (عليه السلام) فقال: يا أبا محمدكم مضى من شهركم؟ - قال: وكان شهر رمضان - قال: ثمانية عشر يوما.
فقال (عليه السلام): ستفقدون أباكم في العشر الأواخر منه. وودع (عليه السلام) أهل الكوفة، واتكأ على أولاده الحسن والحسين ومحمد بن الحنفية والعباس بن علي حتى دخل منزله فلما نظرت اليه أم كلثوم عطت ثوبها ونتفت شعرها ولطمت خدها وهي
(٤١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 413 414 415 416 417 418 419 420 421 422 423 ... » »»