الدر النظيم - إبن حاتم العاملي - الصفحة ٤١٩
تنادي: عز على رسول الله (صلى الله عليه وآله) عز على فاطمة عز علي يا أباه على من خلفتنا (1) حيارى كالغنم لا راعي لنا.
فقال علي (عليه السلام): على خير خلقه الحسن والحسين بعد جدهما رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).
وأقبلت تقبل بين عينيه وعلي (عليه السلام) نائم مشغول بما هو فيه فضمها إلى صدره وقال لها: يا بنية يا أم كلثوم قد دنا اللحوق بجدك رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأمك فاطمة (عليها السلام) فاحتسبي صبرك وعزاك بالله. ثم مد له فراشه ومكث الناس يعودونه.
قال الحسن (عليه السلام): فأحفت الباب - أي دق - وأقبلت أستمع، فسمعت هاتفا من عند رأسه يتلو: * (أفمن يلقى في النار خير أم من يأتي آمنا يوم القيامة) * (2) ثم هتف هاتف ثان من رجليه وهو يقول: اليوم والله تضعضع ركن الاسلام، اليوم والله انثلمت حصون الاسلام، اليوم قبض رسول الله (صلى الله عليه وآله)، لقد انقضت اليوم خلافة النبوة. قال الحسن (عليه السلام): ففتحت عيني فإذا أنا بأمير المؤمنين قد غمض عيناه وشد حنكه، وإذا أنا بكفنه عند رأسه وحنوطه عند رجليه ووجهه كدارة القمر ليلة البدر، فقمنا والله إليه فغسلناه وكفناه وحنطناه وصلينا عليه ليلا وأوردناه حفرته.
ثم تقدم الحسن (عليه السلام) فصلى بالناس صلاة الفجر، ثم علا على المنبر فحمد الله وأثنى عليه وصلى على نبيه ثم خطب الناس وقال: أيها الناس من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني فأنا أنبئه بحسبي، أنا ابن خديجة الكبرى، أنا ابن من صلى بملائكة السماء، أنا ابن زمزم والصفا، أنا ابن خير الناس جدا وجدة، أنا ابن خير الناس عما وعمة، أنا ابن خير الناس خالا وخالة، أنا ابن خير الناس أبا واما.
ثم قال (عليه السلام): لقد قبض والله في هذه الليلة رجل لم يدركه الأولون ولا يدركه الآخرون في علم ولا في حلم، ولا خلف صفراء ولا بيضاء إلا أربعمائة درهم فضلت من عطائه أراد أن يشتري بها خادما لام كلثوم لتعينها على طحن الشعير،

(١) في الأصل: " خلفنا ".
(٢) فصلت: ٤٠.
(٤١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 414 415 416 417 418 419 420 421 422 423 424 ... » »»