الدر النظيم - إبن حاتم العاملي - الصفحة ٣٢١
أبي طالب يباهي الله عز وجل بك الملائكة، فأنزل الله تعالى: * (ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله والله رؤوف بالعباد) * (1).
وقال صالح بن ميثم، عن زاذان بن سلمان الفارسي (رضي الله عنه) أنه قال: كنا جلوسا عند النبي (صلى الله عليه وآله) في مسجده بعد قدومه من حجة الوداع، إذ جاءه أعرابي فحياه بتحية الاسلام، ثم قال: وأيم الله لقد آمنا بك يا رسول الله قبل أن نلقاك، واتبعناك قبل أن نراك، جاءتنا رسلك فدعتنا إلى أن نعبد الله وحده ونذر ما ألفينا عليه آباءنا من عبادة أوثانها وطواغيتها، فعرفنا حق ذلك فآمنا، وأمرتنا عنك بالصلاة فصلينا، وبالزكاة فزكينا، وبالصيام فصمنا، واستنهضتنا إلى جهاد من يلينا من قومنا فسمعنا وأطعنا، ثم نبأتنا أن الله كتب علينا الحج إلى بيته الحرام، فأردت أن أقبل إليك مع من أقبل إليك من قومي فمرضت فلم أستطع مسيرا، فلما ذهب عني ما كنت أجد أقبلت إليك فتوجه معي من شهد المنسك معك، فنبئني بأبي أنت وأمي من الحج هل هو في كل عام أم نقطع بحجتك هذه يا نبي الله؟
قال: بل هو قائم أجرها في كل عام.
قال: فهل كتب على الناس ذلك أم تجزيهم حجة واحدة؟
قال: الله أرحم بخلقه في ذلك، لا بل تجزيهم حجة واحدة.
قال: فأنا منطلق لوجهي هذا فحاج إلى بيت الله الحرام.
قال له: لا بل أقم ببلاد قومك أو حيث شئت من بلاد الله حتى تأتي أشهر الحج، فإذا جاءت فسر حتى تشهد الإفاضتين من عرفة ومزدلفة في شهر ذي الحجة، فأن الله جعل للحج ميقاتا.
قال: فإذا دنا الشهر فإني قادم فمطلعك يا نبي الله على ما أحدثه في حجتي فإني امرؤ نسي.
فقال (صلى الله عليه وآله): كيف قد نعيت إلي نفسي وأوحي إلي اني غير لابث في الناس

(١) المناقب لابن شهرآشوب: ج 2 ص 65.
(٣٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 316 317 318 319 320 321 322 323 324 325 326 ... » »»