الدر النظيم - إبن حاتم العاملي - الصفحة ٣١٨
فقال الرجل: يا عبد الله ما جئت أضرب إليك من حمص لحجة ولا لعمرة ولكن جئت لتشرح لي أمر علي بن أبي طالب.
فقال له: ويحك ان علم العالم صعب لا يحتمل ولا تقربه القلوب، أخبرك أن علي بن أبي طالب (عليه السلام) كان في هذه الأمة كمثل موسى (عليه السلام) والعالم، وذاك أن الله عز وجل قال في كتابه لموسى (عليه السلام): * (إني اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي فخذ ما آتيتك وكن من الشاكرين) * وقال عز وجل: * (وكتبنا له في الألواح من كل شئ موعظة وتفصيلا لكل شئ) * فكان موسى (عليه السلام) يرى أن قد جمعت له الأشياء، فلما انتهى موسى إلى شاطئ البحر لقي العالم فاستنطقه، فأقر له بفضل علمه ولم يحسده كما حسدتم أنتم عليا (عليه السلام). فقال له موسى ورغب إليه:
* (هل أتبعك على أن تعلمني مما علمت رشدا) * فعلم العالم أن موسى لا يطيق صحبته ولا يصبر على علمه، فقال له * (انك لن تستطيع معي صبرا، وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا) * قال له موسى (عليه السلام) واعتذر إليه: * (ستجدني إن شاء الله صابرا ولا أعصي لك أمرا) * فعلم العالم أن موسى لا يستطيع ولا يصبر على علمه، فقال له: * (فإن اتبعتني فلا تسألني عن شئ حتى أحدث لك منه ذكرا) * فركبا السفينة فخرقها العالم، وكان خرقها لله رضى، وأسخط ذلك موسى، ووكز الغلام فقتله، وكان قتله لله رضى، وأسخط ذلك موسى، وأقام الجدار، وكانت إقامته لله رضى، وأسخط ذلك موسى، ولم يقتل علي (عليه السلام) إلا من كان قتله لله رضى وعند الناس من الجهال خطأ.
ثم قال له: اجلس حتى أخبرك بالذي سمعته من رسول الله (صلى الله عليه وآله) تزوج النبي (عليه السلام) زينب بنت جحش وأولم، وكان يدعو الناس عشرة عشرة من المؤمنين، وكانوا إذا أصابوا من الطعام استأنسوا إلى حديث النبي (عليه السلام) واشتهوا النظر إلى وجهه، وكان النبي (عليه السلام) يشتهي أن يخففوا ليخلو منزله لأنه كان قريب عهد بعرس، وكان يحب زينب ويكره أذى المسلمين، فأنزل الله تعالى: * (يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم إلى طعام غير ناظرين إناه ولكن إذا دعيتم
(٣١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 313 314 315 316 317 318 319 320 321 322 323 ... » »»