الدر النظيم - إبن حاتم العاملي - الصفحة ٢٥٩
الشبهة الثالثة: أن منصب الإمامة أعلى وأعظم من منصب القضاء والحسبة، فأهل البيعة لما لم يتمكنوا من نصب القاضي والمحتسب، فبأن لا يتمكنوا من نصب الإمام الأعظم أولى.
الشبهة الرابعة: الإمام نائب الله تعالى ونائب رسوله (صلى الله عليه وآله)، ونيابة الغير لا تحصل إلا بإذن ذلك الغير، فوجب أن لا تثبت الإمامة إلا بنص الله ونص رسوله، فثبت أن الإمامة لا تثبت إلا بالنص.
الشبهة الخامسة: إن الإمام يجب أن يكون واجب العصمة، وأن يكون أفضل الخلق كلهم، وأن يكون أعلم الأمة كلهم، وأن يكون مسلما فيما بينه وبين الله تعالى، ولا اطلاع لأحد من هذا الخلق على هذه الصفات، والله تعالى هو العالم بها، وإذا كان الأمر كذلك وجب أن لا يصح نصب الإمام إلا بالنص (1).
وقال أيضا في الكتاب المذكور: الفصل الخامس في بيان أفضل الناس بعد الرسول من هو؟ مذهب أصحابنا أن أفضل الناس بعد رسول الله هو أبو بكر، وهو قول قدماء المعتزلة، ومذهب الشيعة أنه هو علي (عليه السلام)، وهو قول أكثر المتأخرين من المعتزلة.
أما أصحابنا فقد تمسكوا بقوله تعالى: * (وسيجنبها الأتقى * الذي يؤتي ماله يتزكى) * (2) وبقوله (عليه السلام): " ما طلعت الشمس ولا غربت على أحد بعد النبيين والمرسلين أفضل من أبي بكر " وكل ذلك قد مضى تقريره في الفصل المتقدم.
وأما الشيعة فقد احتجوا على أن عليا (عليه السلام) أفضل الصحابة بوجوه:
الحجة الأولى: التمسك بقوله تعالى: * (قل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم) * (3) وثبت بالأخبار الصحيحة أن المراد من قوله * (وأنفسنا) * هو علي (عليه السلام) (4).

(١) كتاب الأربعين للفخر الرازي: لا يوجد لدينا هذا الكتاب.
(٢) الليل: ١٧ - ١٨.
(٣) آل عمران: ٦١.
(4) مجمع البيان: ج 2 ص 453، تأويل الآيات الظاهرة: ص 118.
(٢٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 254 255 256 257 258 259 260 261 262 263 264 ... » »»