الدر النظيم - إبن حاتم العاملي - الصفحة ٢٥٥
فقال (عليه السلام): أما ما لا يعلمه الله فذلك قولكم يا معاشر اليهود إن العزير بن الله، والله لا يعلم له ولدا. وأما قولك أخبرني بما ليس عند الله: فليس عند الله ظلم للعباد. وأما قولك بما ليس لله: فليس له شريك.
فقال اليهودي: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله وأنك وصي رسول الله.
فقال أبو بكر والمسلمون لعلي (عليه السلام): يا مفرج الكرب (1).
وقد عرف من عرف الجماعة أنهم لم يعرفوا قليلا ولا كثيرا مما علمه الله تعالى.
وأما الشجاعة التي هي من شروط الإمام وبها ينتظم أمر الأمة فلم تكن لأحد من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) فتيل في الاسلام، ولا موقف من جهاد يذكر ولا فعل يحمد ولا يوصف بالشجاعة والفتك بأعداء الله ورسوله (صلى الله عليه وآله) غير علي (عليه السلام)، قتل بسيفه إحدى وعشرين رجلا من وجوه قريش وصناديدها وفرسانها من سائر قبائلها من تيمها وعديها وأميتها ومخزومها وعبد دارها ومن بني عبد شمسها.
فمن ذلك اليوم تمالوا عليه وكتبوا صحيفة بينهم وأودعوها أبا عبيدة بن الجراح أنه إن مات النبي (صلى الله عليه وآله) أو قتل لم يجعلوا الإمامة في أهل بيته (عليهم السلام) حتى لا يجتمع لهم النبوة والخلافة. وقتل (عليه السلام) لما انهزم الجمع أربعة عشر فارسا مبارزة واحدا بعد واحد أكثرهم أصحاب ألوية المشركين.
وحديثه في خيبر مشهور بعد انهزام من انهزم ورجع بالراية، وقول رسول الله (صلى الله عليه وآله) في حقه: " لأعطين الراية غدا رجلا يحبه الله ورسوله ويحب الله ورسوله، كرارا غير فرار، لا يرجع حتى يفتح الله على يديه " (2) فتطاولت الأعناق إلى أخذها، وقال بعضهم: أما علي فقد كفيتموه لأنه أرمد لا يبصر بين يديه، وبلغ قول النبي (صلى الله عليه وآله) عليا (عليه السلام) فقال: " اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت " فسمعت امرأة عجوز قوله (عليه السلام) فقالت: أحرى أن يفوز بها علي (عليه السلام).
فلما أصبح رسول الله (صلى الله عليه وآله) دعاه فجاءه وهو لا يبصر بين يديه، فتفل في

(١) الارشاد: ص ١٠٨.
(٢) بحار الأنوار: ج ٣٩ ص ٧ باب 71 ح 1.
(٢٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 250 251 252 253 254 255 256 257 258 259 260 ... » »»