وأما أبو بكر فإنه إنما اتصل بخدمته (عليه السلام) في زمن الكبر، وأيضا ما كان يصل إلى خدمته في اليوم والليلة إلا زمانا يسيرا، أما علي فإنه اتصل بخدمته في زمان الصغر، وقد قيل: العلم في الصغر كالنقش في الحجر، والعلم في الكبر كالنقش في المدر. فثبت بما ذكرنا أن عليا كان أعلم من أبي بكر.
وأما التفصيل فدل عليه وجوه:
الأول: قوله (عليه السلام): " أقضاكم علي " (1) والقضاء يحتاج إلى جميع أنواع العلوم، فلما رجحه على الكل في القضاء لزم أنه رجحه عليهم في كل العلوم. وأما سائر الصحابة فقد رجح كل واحد منهم على غيره في علم واحد كقوله (صلى الله عليه وآله): " أفرضكم زيد (2) و " أقرأكم أبي " (3).
الثاني: أكثر المفسرين سلموا أن قوله تعالى: * (وتعيها اذن واعية) * (4) نزل في حق علي. وتخصيصه بزيادة الفهم تدل على اختصاصه بمزيد العلم.
الثالث: إن عمر أمر برجم امرأة ولدت لستة أشهر، فنبهه علي بقوله: * (وحمله وفصاله ثلاثون شهرا) * (5) مع قوله: * (والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين) * (6) على أن أقل مدة الحمل ستة أشهر. فقال عمر: " لولا علي لهلك عمر " (7).
وروي أن: امرأة أقرت بالزنا وكانت حاملا فأمر عمر برجمها. فقال علي: إن كان لك سلطان عليها فما سلطانك على ما في بطنها؟ فترك عمر رجمها، فقال:
" لولا علي لهلك عمر ".
فإن قيل: لعل أمره برجمها من غير تفحص عن حالها فظن أنها ليست بحامل، فلما نبهه علي ترك رجمها.