الدر النظيم - إبن حاتم العاملي - الصفحة ٢٥٦
عينيه، ودفع إليه الراية وقال: " اللهم اكفه الحر والبرد واشفه فإنه عبدك ووليك وانصره " (1) فقيل انه لم يجد بعد ذلك حرا ولا بردا ولا رمدت عينه قط.
ونصب الإمام من الواجبات لقوله تعالى: * (إني جاعل في الأرض خليفة) * (2) بدأ بالخليفة قبل الخليقة، والحكيم العليم يبدأ بالأهم دون الأعم، وذلك تصديق قول جعفر بن محمد (عليهما السلام) حيث يقول: الحجة قبل الخلق، ومع الخلق، وبعد الخلق (3). ولو خلق الله تعالى الخليقة خلوا من الخليفة لكان قد عرضهم للتلف.
وقال تعالى: * (فقد وكلنا بها قوما ليسوا بها بكافرين أولئك الذين هدى الله فبهديهم اقتده) * (4) دليل على أنه لا يخلو كل زمان من حافظ للدين إما نبي أو إمام.
وقال تعالى: * (وان من أمة إلا خلا فيها نذير) * (5) وهذا عام في سائر الأمم، وعمومه يقتضي أن في كل زمان حصلت فيه أمة مكلفة نذير ففي أزمنة الأنبياء (عليهم السلام) هم النذر للأمم، وفي غيرها الأئمة (عليهم السلام).
وقال عز وجل: * (يوم نبعث من كل أمة شهيدا عليهم من أنفسهم) * (6).
وقال: * (فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا) * (7).
أخبر أنه يأتي من كل أمة بشهيد ويأتي به (عليه السلام) شهيدا عليهم.
وقال النبي (صلى الله عليه وآله): " في كل خلف من أمتي عدل من أهل بيتي ينفون عن الدين تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين " (8).
ومن زعم أن الدنيا تخلو ساعة واحدة من إمام لزمه أن يصحح مذاهب البراهمة في إبطال الرسالة، ولولا أن القرآن نزل بأن محمدا (صلى الله عليه وآله) خاتم النبيين لوجب كون رسول في كل وقت.
فلما صح ذلك ارتفع معنى كون الرسول بعد رسل، وبقيت السورة المستدعية

(١) بحار الأنوار: ج ٣٩ ص ١٣ باب ٧١ ح ٢.
(٢) البقرة: ٣٠.
(٣) الكافي: ج ١ ص ١٧٧ ح ٤.
(٤) الأنعام: ٨٩.
(٥) فاطر: ٢٤.
(٦) النحل: ٨٩.
(٧) النساء: ٤١.
(٨) المناقب لابن شهرآشوب: ج 1 ص 245.
(٢٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 251 252 253 254 255 256 257 258 259 260 261 ... » »»