الدر النظيم - إبن حاتم العاملي - الصفحة ٢٥٠
والثاني: طريقة القرآن.
والثالث: طريقة الخبر.
فأما القرآن فإنا وجدنا الله تعالى يخبر عن نبيه (صلى الله عليه وآله) أنه لم يكن من المتكلفين الذين يفعلون ما لا يؤمرون، قال الله سبحانه حاكيا عن نبيه محمد (صلى الله عليه وآله): * (وما أنا من المتكلفين) * (1).
وقال عز وجل: * (إن أتبع إلا ما يوحى إلي) * (2) وقال تقدس اسمه: * (وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى) * (3). ثم قال تعالى في فرض طاعته وتجنب معصيته: * (ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا) * (4).
قال أهل العدل وجدنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) لما آخى بين أصحابه ضم كل شكل إلى شكله، وكل انسان إلى مثله، وكل نظير إلى نظيره، فضم أبا بكر إلى عمر، وعثمان إلى أبي عبيدة بن الجراح، وطلحة إلى الزبير، وسعد بن أبي وقاص إلى سعيد بن نفيل، وآخى بينهم على هذا المثال، وآخى بينه وبين أمير المؤمنين (عليهما السلام).
ولما جاءه نصارى نجران وطال بينهم الخطاب أوحى الله تعالى إلى نبيه بأن يباهل، فقال عز وجل: * (فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين) * (5) فقال للنصارى: إن ربي عز وجل أمرني بالمباهلة، وواعدهم إلى غد ذلك اليوم. فظن النصارى ومن ارتاب بالنبي (صلى الله عليه وآله) من الصحابة أنه يباهل بهم وبعدة النصارى وهم سبعون رجلا منهم المعروف بالسيد والعاقب. فلما غدوا إليه (صلى الله عليه وآله) أمر عليا (عليه السلام) أن يدعو الحسن والحسين وأمهما (عليهم السلام)، فلما أحضرهم أدخلهم تحت أغصان شجرة وجللهم بالعباءة التي كانت على فاطمة (عليها السلام)، وأدخل منكبه الأيسر معهم، وقال للنصارى: إني مباهل. فقالوا: احتكم يا أبا القاسم

(٢٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 245 246 247 248 249 250 251 252 253 254 255 ... » »»