الدر النظيم - إبن حاتم العاملي - الصفحة ٢٣٤
أنه وصف الحيتين فأتيتك وبشرتك بما عاينت وشاهدت من ابني علي.
قال: فبكى المثرم ثم سجد شكرا لله تعالى، ثم تمطى فقال: غطني بمدرعتي، فغطيته، فإذا أنا به ميت كما كان، فأقمت عنده ثلاثا أكلم فلا أجاب، فاستوحشت لذلك، وخرجت الحيتان فقالتا لي: السلام عليك يا أبا طالب، فأجبتهما، ثم قالتا لي: الحق بولي الله فأنت أحق بصيانته وحفظه من غيرك. فقلت لهما: من أنتما؟
قالتا: نحن عمله الصالح خلقنا الله من ميراث عمله، فنحن نذب عنه الأذى إلى أن تقوم الساعة، فإذا قامت الساعة كان أحدنا قائده والآخر سائقه ودليله إلى الجنة، ثم انصرف أبو طالب إلى مكة.
قال جابر: فقلت: يا رسول الله، الله أكبر، إن الناس يقولون إن أبا طالب مات كافرا.
قال: يا جابر ربك أعلم بالغيب، أنه لما كانت الليلة التي أسري بي فيها إلى السماء انتهيت إلى العرش فرأيت أربعة أنوار فقلت: ما هذه الأنوار؟
فقيل: هذا عبد المطلب، وهذا عمك أبو طالب، وهذا أبوك عبد الله، وهذا أخوك طالب.
فقلت: إلهي وسيدي فبما نالوا هذه الدرجة؟
قال: بكتمانهم الإيمان وإظهارهم الكفر وصبرهم على ذلك حتى ماتوا (1).
حدث محمد بن علي العباسي، قال: حدثنا علي بن علي البصري نزيل شيراز، قال: حدثنا محمد بن أحمد بن داود، قال: حدثنا الحسين بن أحمد بن علي الرياحي، عن الحسين بن زيد، عن أبيه يزيد بن قعيب الرياحي، قال: كنت أنا والعباس بن عبد المطلب يوما جلوسا بإزاء بيت الله الحرام إذ أتت فاطمة بنت أسد أم أمير المؤمنين (عليه السلام) وكانت حاملة بعلي لتسعة أشهر إلا يوما، فأصابها الطلق وكان يوم التمام، فوقعت (2) بإزاء بيت الله الحرام، ثم رمت بطرفها نحو السماء ثم قالت: ربي إني مؤمنة بك وبما جاء من عندك إلى رسول أو نبي وبكل كتاب أنزلته،

(١) روضة الواعظين: ج 1 ص 76 - 81.
(2) كذا، وفي البحار: وقفت.
(٢٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 229 230 231 232 233 234 235 236 237 238 239 ... » »»