الدر النظيم - إبن حاتم العاملي - الصفحة ١٨٤
أهل مكة وانضممت إليهم ثم حملنا على القوم فضعضعناهم (1).
ولما قسم رسول الله (صلى الله عليه وآله) غنائم حنين أقبل رجل أدم أجلى بين عينيه أثر السجود فسلم ولم يخص النبي (صلى الله عليه وآله)، ثم قال: قد رأيت ما صنعت في هذه الغنائم.
فقال (عليه السلام): فكيف رأيت؟ فقال: لم أرك عدلت. فغضب رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقال: ويلك إذا لم يكن العدل عندي فعند من يكون؟ فقال المسلمون: ألا نقتله؟ فقال: دعوه فإنه سيكون له أتباع يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية يقتلهم الله على يد أحب الخلق إليه بعدي. فقتله أمير المؤمنين (عليه السلام) فيمن قتله يوم النهروان من الخوارج (2).
[غزاة الطائف] ثم تلت هذه الغزاة غزاة الطائف. ولما فض الله تعالى جمع المشركين بحنين وتفرقوا فرقتين، فأخذت الأعراب ومن تبعهم إلى أوطاس، وأخذت ثقيف ومن تبعها إلى الطائف.
فبعث النبي (صلى الله عليه وآله) أبا سفيان إلى الطائف فلقيته ثقيف فضربوه على وجهه فانهزم ورجع إلى النبي (صلى الله عليه وآله)، فقال: بعثتني مع قوم لا يرفع بهم البلاء من هذيل والأعراب فما أغنوا عني شيئا. فسكت النبي (عليه السلام).
ثم صار بنفسه إلى الطائف، فحاصرهم أياما، وأنفذ أمير المؤمنين (عليه السلام) في خيل وأمره أن يطأ ماء جدة فيكسر كل صنم وجده. فخرج حتى لقيته خيل خثعم في جمع كثير، فبرز لهم رجل من القوم يقال له شهاب في غبش الصبح فقال: هل من مبارز؟ فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): من له؟ فلم يقم أحد، فقام إليه أمير المؤمنين (عليه السلام). فوثب أبو العاص بن الربيع زوج ابنة محمد (صلى الله عليه وآله) فقال: تكفاه أيها الأمير. فقال: لا ولكن إن قتلت فأنت على الناس. فبرز إليه أمير المؤمنين وهو يقول:
$ رسول الله (صلى الله عليه وآله) / أزواجه إن على كل رئيس حقا * أن يروي الصعدة أو يدقا

(1) الإرشاد: ص 76.
(2) الإرشاد: ص 78.
(١٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 179 180 181 182 183 184 185 186 187 188 189 ... » »»