عبد الرزاق، وجلست في مسجد جامعها أؤدب الصبيان سنة لا أرزأهم شيئا ولا أقبل منهم برا، فمشى إلي آباؤهم فقالوا: وجب حقك علينا، تؤدب أولادنا ولا تزرأنا شيئا ولا تقبل منا هدية.
فقلت: إني في كفاية، والذي خرجت له غير هذا.
قالوا: ولم خرجت؟
قلت: لعبد الرزاق.
فقالوا: علينا أن نأتيك به، فمضوا بأجمعهم إلى عبد الرزاق، فقالوا له: إن أردت مكافأتنا يوما فاليوم رجل طوى علينا من العراق يؤدب أولادنا ويعلمهم كتاب الله ولا يرزأنا شيئا ولا يقبل منا برا وقد أحببنا أن نكافئه.
فقال عبد الرزاق: قوموا بنا إليه، فقام عبد الرزاق مع القوم، فلما رأيته على باب المسجد وثبت إليه حافيا حاسرا، فأخذ بيدي وقال: وجب حقك علي وعلى القوم فامض معي، فمضيت معه إلى منزله، فقال لي: ترى ما هاهنا من العلم.
فقلت: نعم جعله الله حجة لك ولا جعله حجة عليك. فقال لي: قد ألحتك فسل عما بدا لك.
فقلت: خصني بغرائبه.
فقال: لأحدثك بحديث كان عندي في التخت المخزون: حدثني معمر، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، قال: إن السماء طشت على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله) وسلم ليلا، فلما أصبح قال لعلي: يا علي امض بنا إلى العقيق ننظر إلى حسن الماء في حفر الأرض.
قال علي (عليه السلام): على يدي، فمضينا فلما وصلنا إلى العقيق نظرنا إلى صفاء الماء في حفر الأرض، فقلت: يا رسول الله لو أعلمتني من الليل اتخذت لك سفرة من الطعام تصيب منها هاهنا.
فقال لي: يا علي إن الذي خرجنا إليه لا يضيعنا، فبينا نحن وقوف إذا نحن بغمامة قد أظلتنا تبرق وترعد حتى قربت منا، فألقت بين يدي النبي (صلى الله عليه وآله) سفرة