الدر النظيم - إبن حاتم العاملي - الصفحة ١٤٧
عبد الرزاق، وجلست في مسجد جامعها أؤدب الصبيان سنة لا أرزأهم شيئا ولا أقبل منهم برا، فمشى إلي آباؤهم فقالوا: وجب حقك علينا، تؤدب أولادنا ولا تزرأنا شيئا ولا تقبل منا هدية.
فقلت: إني في كفاية، والذي خرجت له غير هذا.
قالوا: ولم خرجت؟
قلت: لعبد الرزاق.
فقالوا: علينا أن نأتيك به، فمضوا بأجمعهم إلى عبد الرزاق، فقالوا له: إن أردت مكافأتنا يوما فاليوم رجل طوى علينا من العراق يؤدب أولادنا ويعلمهم كتاب الله ولا يرزأنا شيئا ولا يقبل منا برا وقد أحببنا أن نكافئه.
فقال عبد الرزاق: قوموا بنا إليه، فقام عبد الرزاق مع القوم، فلما رأيته على باب المسجد وثبت إليه حافيا حاسرا، فأخذ بيدي وقال: وجب حقك علي وعلى القوم فامض معي، فمضيت معه إلى منزله، فقال لي: ترى ما هاهنا من العلم.
فقلت: نعم جعله الله حجة لك ولا جعله حجة عليك. فقال لي: قد ألحتك فسل عما بدا لك.
فقلت: خصني بغرائبه.
فقال: لأحدثك بحديث كان عندي في التخت المخزون: حدثني معمر، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، قال: إن السماء طشت على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله) وسلم ليلا، فلما أصبح قال لعلي: يا علي امض بنا إلى العقيق ننظر إلى حسن الماء في حفر الأرض.
قال علي (عليه السلام): على يدي، فمضينا فلما وصلنا إلى العقيق نظرنا إلى صفاء الماء في حفر الأرض، فقلت: يا رسول الله لو أعلمتني من الليل اتخذت لك سفرة من الطعام تصيب منها هاهنا.
فقال لي: يا علي إن الذي خرجنا إليه لا يضيعنا، فبينا نحن وقوف إذا نحن بغمامة قد أظلتنا تبرق وترعد حتى قربت منا، فألقت بين يدي النبي (صلى الله عليه وآله) سفرة
(١٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 142 143 144 145 146 147 148 149 150 151 152 ... » »»