الدر النظيم - إبن حاتم العاملي - الصفحة ١٥٢
فبعث النبي (صلى الله عليه وآله) وقال: يا معشر قريش إني أكره أن أبدأ بكم فخلوني والعرب وارجعوا.
فقال عتبة: ما رد قوم هذا فأفلحوا.
فقال له أبو جهل: جبنت، وانتفخ سحرك (1).
فلبس عتبة درعه وتقدم هو وأخوه شيبة وابنه الوليد، وقال: يا محمد أخرج إلينا أكفائنا من قريش.
فتطاولت الأبصار لمبارزتهم، فمنعهم النبي (صلى الله عليه وآله) وقال لهم: إن القوم دعوا الأكفاء منهم. ثم أمر عليا (عليه السلام) بالبروز إليهم، ودعا حمزة بن عبد المطلب. وعبيدة ابن الحارث (رحمهما الله) أن يبرزا معه.
فلما اصطفوا لهم لم يتبينهم القوم لأنهم كانوا قد تغفروا، فسألوهم: من أنتم؟
فانتسبوا لهم. فقالوا: أكفاء كرام. ونشبت الحرب بينهم، وبارز الوليد عليا (عليه السلام) فلم يلبث حتى قتله، وبارز عتبة حمزة (رضي الله عنه) فقتله حمزة، وبارز شيبة عبيدة رحمه الله فاختلفت بينهما ضربتان قطعت إحداهما فخذ عبيدة، فاستنقذه أمير المؤمنين بضربة بدر بها شيبة فقتله وشركه في ذلك حمزة رحمه الله (2).
ثم بارز أمير المؤمنين (عليه السلام) العاص بن سعيد بن العاص بعد أن أحجم عنه من سواه، فلم يلبث إلا أن قتله. وبرز إليه حنظلة بن أبي سفيان فقتله. وبرز بعده طعيمة بن عدي فقتله. وقتل بعده نوفل بن خويلد وكان من شياطين قريش. ولم يزل (عليه السلام) يقتل واحدا منهم بعد واحد حتى أتى على شطر المقتولين منهم وكانوا سبعين قتيلا، وتولى كافة من حضر بدرا من المسلمين مع ثلاثة آلاف من الملائكة المسومين الشطر الآخر، وكان قتل أمير المؤمنين للشطر بمعونة الله تعالى له وتوفيقه وتأييده ونصره، وكان الفتح له بذلك وعلى يديه.

(١) السحر بفتح السين وسكون المهملة: الرية، وانتفخ سحره أي جبن، كأن الخوف ملأ جوفه فانتفخ سحره.
(٢) المناقب لابن شهرآشوب: ج 1 ص 187 - 188.
(١٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 147 148 149 150 151 152 153 154 155 156 157 ... » »»