الدر النظيم - إبن حاتم العاملي - الصفحة ١٤٢
قال: فجعلوا ينتهون إلى الخط فلا يجوزونه. قال: ثم يصدرون إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله)، حتى إذا كان في آخر الليل جاء رسول الله وأنا في خطي فقال: لقد آذاني هؤلاء هذه الليلة. ثم دخل علي في خطي فتوسد فخذي ثم رقد، وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) إذا نام ينفخ في النوم نفخا.
قال: فبينا أنا كذلك إذا برجال عليهم ثياب بيض، الله أعلم ما بهم من الجمال، فقعد طائفة منهم عند رأسه، وقعد طائفة منهم عند رجليه، فقالوا بينهم: ما رأينا عبدا أوتي ما أوتي هذا، إن عينيه لتناما وقلبه يقظان، اضربوا له مثلا سيدا بنى قصرا ثم جعل مأدبة فدعا الناس إلى طعامه وشرابه، فمن أجابه أكل من طعامه وشرب من شرابه، ومن لم يجبه عاقبه أو قال عذبه.
قال: ثم ارتفعوا. فاستيقظ النبي (صلى الله عليه وآله) عند ذلك، فقال: أما اني قد سمعت ما قالوا فهل تدري من هم؟
قلت: الله ورسول أعلم.
قال: إنهم الملائكة، وقال: تدري المثل الذي ضربوه، هو الرحمن عز وجل بنى الجنة فدعا إليها عباده، فمن أجابه دخل جنته، ومن لم يجبه عذبه أو قال عاقبه.
وقيل: مر أعرابي على رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال له: أين تريد؟
قال: أهلي.
فقال له: هل لك في خير الدنيا والآخرة؟
قال: وما هو؟
قال: تشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله. قال الأعرابي: من الشاهد على ما تقول؟
قال: هذه، يعني السدرة. فدعاها النبي (صلى الله عليه وآله) وهي شطبا (1) لوادي، فجاءت تخد الأرض حتى قامت بين يديه، فاستشهدها ثلاثا، فشهدت له كما قال، ثم أمرها فرجعت إلى منبتها.

(1) الشطب: الأخضر الرطب من جريد النخل.
(١٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 137 138 139 140 141 142 143 144 145 146 147 ... » »»