الدر النظيم - إبن حاتم العاملي - الصفحة ١٥١
فلما أمسيت لم تبق امرأة من بني عبد المطلب إلا أتتني فقالت: أقررتم لهذا الفاسق الخبيث أن يقع في رجالكم ثم يتناول النساء وأنت تسمع ولم يكن عندك شئ غير ما سمعت.
قال العباس: فقلت: قد كان هذا وأيم الله لأتعرضن له، فإن عاد لأكفيتكموه.
قال: فغدوت في اليوم الثالث من رؤيا عاتكة وأنا حديد مغضب أرى أن قد فاتني أمرا أحب أن أدركه منه.
قال: فدخلت المسجد فرأيته، فوالله اني لأمشي نحوه ليعود لبعض ما قال فأقع فيه، فإذا هو وقد خرج نحو باب المسجد يشتد، فقلت في نفسي: ما له لعنه الله أكل هذا فرقا من أن اشتمه، فإذا هو قد سمع ما لم أسمعه صوت أبي ضمضم بن عمرو وهو يقول ببطن الوادي: يا معشر قريش اللطيمة اللطيمة أموالكم أموالكم مع أبي سفيان فقد عرض لها محمد في أصحابه، لا أرى أن تدركوها، الغوث الغوث، قال:
فشغلني عنه وشغله عني ما جاء من الأمر. قال: فتجهز الناس سراعا (1).
وخرج تسعمائة وخمسون، ويقال: ألف ومائتان وخمسون، ويقال: ثلاثة آلاف ومعهم مائتا فرس يقودونها، والقيان (2) يضربن بالدفوف ويتغنين بهجاء المسلمين، ولم يبق من قريش بطن إلا خرج منها ناس إلا من بني زهرة وبني عدي بن كعب، واخرج فيهم طالب كرها فلم يوجد في القتلى والأسرى.
وشاور النبي أصحابه في لقائهم أو الرجوع، فقال أبو بكر وعمر كلاما فأجلسهما، ثم قال المقداد وسعد بن معاذ كلاما فدعا لهما وسر، ونزل: * (سنلقي في قلوب الذين كفروا الرعب) * (3) وأصابهم المطر فبعثوا عمير بن وهب الجمحي حتى طاف على عسكر النبي (صلى الله عليه وآله) فقال: نواضح يثرب، فنزل: * (وإن جنحوا للسلم فاجنح لها) * (4).

(١) البداية والنهاية: ج ٣ ص ٢٥٧ - ٢٥٨.
(٢) القيان: جمع قينة وهي المغنية.
(٣) آل عمران: ١٤٤.
(٤) الأنفال: ٦٣.
(١٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 146 147 148 149 150 151 152 153 154 155 156 ... » »»