القتل يؤجج ناره والجمل يفني أنصاره حتى خرج رجل مدجج في السلاح يظهر بأسا ويروم مراسا ويعرض بعلي (عليه السلام) حتى قال:
أضربكم ولو أرى عليا * عممته أبيض مشرفيا (1) فخرج إليه علي (عليه السلام) متنكرا وحمل عليه فضربه ضربة على وجهه فرمى بنصف قحف رأسه ثم انصرف فسمع صائحا من ورائه فالتفت فرأى ابن خلف الخزاعي من أصحاب الجمل فقال: هل لك يا علي في المبارزة؟
فقال علي (عليه السلام): (ما أكره ذلك ولكن ويحك يا ابن خلف ما راحتك في القتل وقد علمت من أنا) فقال له ابن خلف: ذرني يا بن أبي طالب من مدحك نفسك وادن مني لترى أينا يقتل صاحبه.
فثنى علي عنان فرسه إليه فبدره ابن خلف بضربة فأخذها علي في جحفيه (2) ثم عطف عليه بضربة أطار بها يمينه ثم ثنى بأخرى أطار بها قحف رأسه ثم استعرت الحرب حتى عقر الجمل فسقط وقد احمرت البيداء بالدماء وخذل الجمل وحزبه وقامت النوادب بالبصرة على القتلى.
وكان عدة من قتل من جند الجمل ستة عشر ألفا وسبعمائة وتسعين إنسانا وكان جملتهم ثلاثين ألفا فأتى القتل على أكثر من نصفهم، وقتل من أصحاب علي (عليه السلام) ألف وسبعون رجلا وكان عدتهم عشرين ألفا وفي مقابلة علي (عليه السلام) ثلاثين ألفا بعشرين ومقاتلتهم حتى قتل (منهم أكثر من نصفهم ولم يقتل) (3) من