مطالب السؤول في مناقب آل الرسول (ع) - محمد بن طلحة الشافعي - الصفحة ٢١٢
ونكثوا عهده وغدروا به وخرجوا عليه وجمعوا الناس لقتاله مستخفين بعقد بيعته التي لزمهم فرض حكمها مبقين إلى إثارة فتنة عامة باؤوا بإثمها لم ير إلا مقاتلتهم على إسراع نكثهم لبيعته ومقابلتهم على الإقلاع من مكثهم على الوفاء لله تعالى بطاعته، وكان من الداخلين في البيعة والملتزمين بها ثم من المحرضين ثانيا على نكثها ونقضها طلحة والزبير، فاخرجا عائشة وجمعا ممن استجاب لهما وخرجوا إلى البصرة ونصبوا لعلي (عليه السلام) حبائل الغوائل وألبوا عليه مطيعهم من الرامح والنابل مظهرين المطالبة بدم عثمان مع علمهما في الباطن أن عليا (عليه السلام) ليس بالقاتل، فلما رحل من المدينة طالبا إلى البصرة وقرب منها كتب إلى طلحة والزبير يقول:
أما بعد، فقد علمتما أني لم أرد الناس حتى أرادوني ولم أبايعهم حتى أكرهوني وأنتما ممن أرادوا بيعتي وبايعوا ولم تبايعا لسلطان غالب ولا لغرض حاضر، فإن كنتما بايعتما طائعين فتوبا إلى الله تعالى عما أنتما عليه، وإن كنتما بايعتما مكرهين فقد جعلتما السبيل عليكما باظهاركما الطاعة وكتمانكما المعصية، وأنت يا زبير فارس قريش وأنت يا طلحة شيخ المهاجرين ودفعكما هذا الأمر قبل أن تدخلا فيه كان أوسع لكما من خروجكما منه بعد إقراركما به، وأما قولكما إنني قتلت عثمان بن عفان فبيني وبينكما من تخلف عني وعنكما من أهل المدينة ثم يلزم كل امرئ بقدر ما احتمل، وهؤلاء بنو عثمان إن قتل مظلوما كما تقولان أولياؤه وأنتما رجلان من المهاجرين وقد بايعتماني ونقضتما بيعتي وأخرجتما أمكما من بيتها الذي أمرها الله عز وجل أن تقر فيه والله حسبكما والسلام (1).
وكتب (عليه السلام) إلى عائشة: أما بعد، فإنك خرجت من بيتك عاصية لله تعالى ولرسوله تطلبين أمرا كان عنك موضوعا ثم تزعمين أنك تريدين الاصلاح بين الناس فخبريني ما للنساء وقود العسكر، وزعمت أنك طالبة بدم عثمان وعثمان

١ - انظر: الفتوح لابن أعثم ٢: ٤٦٨، شرح نهج البلاغة ١٧: ١٣١.
(٢١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 207 208 209 210 211 212 213 214 215 216 217 ... » »»