مطالب السؤول في مناقب آل الرسول (ع) - محمد بن طلحة الشافعي - الصفحة ١٣٦
فقاتل رسول الله (ص) إلى أن دخل الناس في دين الله أفواجا، فهذا بيان القتال على تنزيله.
وأما تأويله: فمعناه تفسيره وما يؤول إليه آخر مدلوله (1) فمن حمل القرآن الكريم على معناه الذي اقتضاه لفظه من مدلول الخطاب وفسره بما تناوله من معانيه المرادة به فقد أصاب سنن الصواب، ومن صرف عن ذلك وصرفه عن مدلوله ومقتضاه وحمله على غير ما أريد به مما يوافق هواه، وتأوله بما يضل به عن نهج هداه، معتقدا أن محمله الذي ادعاه ومقصده الذي افتراه فنجاه هو المدلول الذي أراده الله تعالى فقد الحد في القرآن، حيث مال به عن مدلوله ووضعه في غيره موضوعه، وأثبت به ما لا يحل إثباته وخالف فيه أئمة الهدى واتبع داعي الهوى فاقتدى، فتعين قتاله أن أصر على ضلالته ودام على مخالفته واستمر في جهالته وتمادى في مقالته، إلى أن يفئ إلى أمر الله تعالى وطاعته.
ولهذا جعل رسول الله (ص) القتال على تأويله كالقتال على تنزيله، فقد ظهر مناط القتال على التأويل لما ظهر مناط القتال على التنزيل وقد اشترك الأمران في أن كل واحد منهما قتال مبطل ضال ليرجع عن إبطاله وضلالته وافترقا في أن الجريمة الصادرة من المقاتلين على التنزيل أعظم وأشد من الجريمة الصادرة من المقاتلين على التأويل، فلهذا كانت المقاتلة على أعظم الجريمتين مختصة بمنصب النبوة فقام بها النبي (ص) ودعا إليها وقاتل الذين كفروا حتى آمنوا، وكانت المقاتلة على جريمة التأويل التي هي دون الجريمة الأولى موكولة إلى الإمام لكون الإمامة دون النبوة فهي فرعها فقام بها علي (عليه السلام) ودعا إليها وقاتل

١ - انظر: الصحاح ٤: ١٦٢٧ مادة (أول).
(١٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 131 132 133 134 135 136 137 138 139 140 141 ... » »»