فجعلوها في المسلمين وأقاموها عمدة لهم ومرجعا في اتباع ضلالتهم واحتجوا بها على خروجهم عن الطاعة المفروضة عليهم اللازمة لهم.
فإذا علمت حقيقة المقاتلة على التنزيل والمقاتلة على التأويل، فاعلم أن بين النبي (ص) وبين علي (عليه السلام) من رابطة الاتصال والاخوة والعلاقة ما ليس بين غيرهما، وقد صدع بهذه العلاقة والرابطة ما تقدم من صريح النصوص من قوله (ص) (علي مني وأنا من علي) (1) وقوله (ص): (أنت مني وأنا منك) (2) وقوله (ص): (أنت مني بمنزلة هارون من موسى) (3) فهذه النصوص مشيرات إلى خصوصية بينهما، فاقتضت تلك الخصوصية أن أعلمه رسول الله (ص) أنه يبلى بمقاتلة الخارجين كما بلي (ص) بمقاتلة الكافرين، وأنه يلقى من الشدائد في أيام إمامته مؤلمات كما لقي النبي (ص) من الشدائد في أيام نبوته وإن تفاوتا في المقادير، فإن الأبعاض التي تشملها الرابطة يسري إلى جزئياتها شئ من كلياتها.
وقد قال الشافعي: أخذ المسلمون السيرة في قتال المشركين من رسول الله (ص) وأخذوا السيرة في قتال البغاة من علي (عليه السلام) (4).