مطالب السؤول في مناقب آل الرسول (ع) - محمد بن طلحة الشافعي - الصفحة ١٣٨
فجعلوها في المسلمين وأقاموها عمدة لهم ومرجعا في اتباع ضلالتهم واحتجوا بها على خروجهم عن الطاعة المفروضة عليهم اللازمة لهم.
فإذا علمت حقيقة المقاتلة على التنزيل والمقاتلة على التأويل، فاعلم أن بين النبي (ص) وبين علي (عليه السلام) من رابطة الاتصال والاخوة والعلاقة ما ليس بين غيرهما، وقد صدع بهذه العلاقة والرابطة ما تقدم من صريح النصوص من قوله (ص) (علي مني وأنا من علي) (1) وقوله (ص): (أنت مني وأنا منك) (2) وقوله (ص): (أنت مني بمنزلة هارون من موسى) (3) فهذه النصوص مشيرات إلى خصوصية بينهما، فاقتضت تلك الخصوصية أن أعلمه رسول الله (ص) أنه يبلى بمقاتلة الخارجين كما بلي (ص) بمقاتلة الكافرين، وأنه يلقى من الشدائد في أيام إمامته مؤلمات كما لقي النبي (ص) من الشدائد في أيام نبوته وإن تفاوتا في المقادير، فإن الأبعاض التي تشملها الرابطة يسري إلى جزئياتها شئ من كلياتها.
وقد قال الشافعي: أخذ المسلمون السيرة في قتال المشركين من رسول الله (ص) وأخذوا السيرة في قتال البغاة من علي (عليه السلام) (4).

١ - راجع ص ٩٠ و ٩١.
٢ - راجع ٩٠.
٣ - راجع ص ٨٥.
٤ - انظر: الحاوي الكبير ١٣: ١٠٤، كشف الغمة ١: ١٢٩.
وقال محمد بن الحسن الفقيه: لولا علي بن أبي طالب ما علمنا حكم أهل البغي - مناقب ابن شهرآشوب ٢: ٥٤.
وقال ابن العربي في أحكام القرآن 4: 1718 - 1721: فكل من خرج على علي (عليه السلام) باغ وقتال الباغي واجب حتى يفئ إلى الحق وينقاد إلى الصلح، وإن قتاله لأهل الشام الذين أبوا الدخول في البيعة، وأهل الجمل، والنهروان، والذين خلعوا بيعته حق، وكان حق الجميع أن يصلوا بين يديه ويطالبوا بما رأوا، فلما تركوا ذلك بأجمعهم صاروا بغاة، فتناولهم قوله تعالى: * (فقاتلوا التي تبغي حتى تفئ إلى أمر الله) *.
وقال أبو حنيفة: ما قاتل أحد عليا إلا وعلي أولى بالحق منه، ولولا ما سار علي (عليه السلام) فيهم ما علم أحد كيف السيرة في المسلمين.... انظر مناقب أبي حنيفة للخوارزمي 2: 83، طبع حيدر آباد.
وقال الباقلاني في التمهيد 547: قال جلة أهل العلم: لولا حرب علي لمن خالفه لما عرفت السنة في قتال أهل القبلة.
(١٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 133 134 135 136 137 138 139 140 141 142 143 ... » »»