الخوارج المتأولين، فإنهم عمدوا إلى آيات من القرآن الكريم نزلت في الكفار واختصت بهم فصرفوها عن محل مدلولها وحملوها على المؤمنين وجعلوهم محلها واستدلوا عليهم بها.
وأنا أذكر منها ما يستدل به على سوء فعلهم وقبح صنعهم ومروقهم عن الإيمان ومتابعتهم الهوى الهاوي بهم إلى مكان سحيق، وذلك أن أئمة التفسير وعلماء الإسلام أجمعوا على أن قوله تعالى: * (ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يدعون إلى كتاب الله ليحكم بينهم ثم يتولى فريق منهم وهم معرضون) * (1) نزلت في اليهود وهي مختصة بهم، وذكروا في سبب نزولها في حقهم وجوها: فقيل: لما دعا رسول الله (ص) اليهود إلى الإسلام قالوا هلم نخاصمكم إلى الأخبار. فقال: بل إلى كتاب الله تعالى. قال: فأبوا.
وقيل: بل لما دعاهم إلى الإسلام قال له بعضهم: على أي دين أنت؟
فقال: على دين إبراهيم.
فقالوا: إن إبراهيم كان يهوديا. فقال: هلموا بالتوراة فهي بيني وبينكم فأبوا.
وقيل: بل لما أنكروا أن يكون رجم الزاني في التوراة قال: هلموا بالتوراة فهي بيني وبينكم. فأبوا فأنزل الله تعالى هذه الآية.
وهكذا ذكره الإمام أبو الحسن علي بن أحمد الواحدي في كتابه المسمى بأسباب النزول (2)، فقد اتفق الجميع على اختصاصها باليهود، فجاء الخوارج