تقضين حتى تسمع من الآخر كما سمعت من الأول فإنه أحرى أن يتبين لك القضاء.
قال (عليه السلام): فمازلت قاضيا وما شككت في قضاء بعد). (1) فهبت عليه النسمات الإلهية من العناية النبوية بألطاف التأييد، ونزل عليه الملكان الموكلان بالمحقين فألبساه رداء التوفيق والتسديد، فوقرت حقائق علم القضاء في صدره حتى ما على إحاطته بها من مزيد، وأثمرت حدائق فضائله فتحلها بالمعرفة باسقات ذات طلع نضيد، فلما رسخ علمه (عليه السلام) بمواد القضاء رسوخا لا تحركه الهواب، ورسا قدم فهمه في قواعد معرفته بحيث لا يعترضه الاضطراب، فاقتفى رشدا وقضى سددا فوارده التأييد ورافقه التوفيق وصاحبه الصواب، فعند ذلك وصفه رسول الله (ص) بقوله: (أقضاهم علي) إذ وضحت لديه الأسباب، وتفتحت بين يديه الأبواب، وشرحت له الألسن والسنن والآداب، حتى قال له رسول الله (ص): (ليهنئك العلم أبا الحسن لقد شربت العلم شربا ونهلته نهلا) (2).