مطالب السؤول في مناقب آل الرسول (ع) - محمد بن طلحة الشافعي - الصفحة ١٣١
خصه رسول الله (ص) بفضيلة خاصة لم يتوقف حصول تلك الفضيلة على غيرها من الفضائل والعلوم فإنه (ص) قال: (أفرضهم زيد بن ثابت وأقرأهم أبي وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل) (1).
ولا يخفى أن علم الفرائض لا يفتقر إلى علم آخر ومعرفة القراءة لا تتوقف على سواها وكذلك العلم بالحلال والحرام، بخلاف علم القضاء فالنبي (ص) قد أخبر بثبوت هذه الصفة العالية لعلي (عليه السلام) مع زيادة فيها، فإن صيغة أفعل تقتضي وجود أصل ذلك الوصف والزيادة فيه على غيره، وإذا كانت هذه الصفة العالية قد أثبتها له فتكون حاصله له ومن ضرورة حصولها له أن يكون (عليه السلام) متصفا بها ولا يتصف بها إلا بعد أن يكون كامل العقل صحيح التمييز، جيد الفطنة بعيدا عن السهو والغفلة، يتوصل بفطنته (2) إلى وضوح ما أشكل وفصل ما أعضل، ذا عدالة تحجزه أن يحوم حول حمى المحارم، ومروءة تحمله على محاسن الشيم ومجانبة الدنايا، صادق اللهجة ظاهر الأمانة، عفيفا عن المحظورات، مأمونا في السخط والرضا، عارفا بالكتاب والسنة والاتفاق والاختلاف والقياس ولغة العرب، بحيث يقدم المحكم على المتشابه والخاص على العام والمبين على المجمل والناسخ على المنسوخ ويبني المطلق على المقيد ويقضي بالتواتر دون الآحاد وبالمسند دون المرسل وبالمتصل دون المنقطع وبالاتفاق دون الاختلاف، ويعرف أنواع الأقيسة من الجلي والواضح والخفي ليتوصل بها إلى الأحكام

1 - مصابيح السنة 4: 179 / 4787، وكذا الإستيعاب 3: 38.
2 - في نسخة (م): بيقظته.
(١٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 126 127 128 129 130 131 132 133 134 135 136 ... » »»