معاوية (1) قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول في مسجد النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ان إبليس اللعين هو أول من صور صوره على مثال آدم عليه السلام ليفتن به الناس ويضلهم عن عباده الله تعالى، وكان ود في ولد قابيل، وكان خليفة قابيل على ولده وعلى من بحضرتهم في سفح الجبل يعظمونه (2) ويسودونه، فلما ان مات ود جزع عليه اخوته وخلف عليهم ابنا يقال له: سواع فلم يغن غنا أبيه منهم (3)، فأتاهم إبليس في صوره شيخ فقال: قد بلغني ما أصبتم به من موت ود وعظيمكم، فهل لكم في أن اصور لكم على مثال ود صوره تستريحون إليها وتأنسون بها؟ قالوا: افعل فعمد الخبيث إلى الآنك فإذا به حتى صار مثل الماء. ثم صور لهم صوره مثال ود في بيته، فتدافعوا على الصورة يلثمونها ويضعون خدودهم عليها ويسجدون لها، وأحب سواع ان يكون التعظيم والسجود له، فوثب على صوره ود، فحكها حتى لم يدع منها شيئا وهموا بقتل سواع، فوعظهم وقال: انا أقوم لكم بما كان يقوم به ود، وانا ابنه، فان قتلتموني لم يكن لكم رئيس، فمالوا إلى سواع بالطاعة والتعظيم.
فلم يلبث سواع ان مات وخلف ابنا يقال له: يغوث فجزعوا على سواع فأتاهم إبليس وقال: انا الذي صورت لكم صوره ود، فهل لكم ان اجعل لكم مثال سواع؟ على وجه لا يستطيع أحد ان يغيره قالوا: فافعل، فعمد إلى عود فنجره ونصبه لهم في منزل سواع، وانما سمى ذلك العود خلافا، لان إبليس عمل صوره سواع على خلاف صوره ود قال: فسجدوا له وعظموه وقالوا ليغوث: ما نأمنك على هذا الصنم ان تكيده كما كاد أبوك مثال ود، فوضعوا على البيت حراسا وحجابا (4)، ثم كانوا يأتون الصنم في يوم واحد ويعظمونه أشد ما كانوا يعظمون سواعا، فلما رأى ذلك يغوث قتل الحرسة والحجاب ليلا وجعل الصنم رميما، فلما بلغهم ذلك أقبلوا ليقتلوه فتوارى منهم (5) إلى أن طلبوه ورأسوه وعظموه.