فتجئ من أصله (1) وتجئ من رأس الرجل ولحيته وتأكل كل شئ فلما رأوا الذي نزل من البلاء اجتمعوا إلى فرعون، وقالوا: ليس من بلاء الا ويمكن الصبر عليه الا الجوع، فإنه بلاء فاضح لا صبر لاحد عليه ما أنت صانع؟ فأرسل فرعون إلى موسى عليه السلام بجنده انه لم يجتمع له امره الذي أراد، فأوحى الله تعالى إلى موسى ان لا تدع له حجه وان ينظره، فأشار بعصاه فانقشع (2) الجراد والقمل من وجه الأرض.
واما الطمس، فان موسى صلوات الله عليه لما رأى آل فرعون لا يزيدون الا كفرا دعا موسى عليه السلام، فقال: ربنا انك اتيت فرعون وملأه زينة وأموالا في الحياة الدنيا ربنا اطمس على أموالهم، فطمس الله أموالهم حجارة، فلم يبق لهم شيئا مما خلق الله تعالى يملكونه، ولا حنطه ولا شعيرا، ولا ثوبا ولا سلاحا، ولا شيئا من الأشياء الا صار حجارة.
واما الطاعون، فإنه أوحى الله تعالى إلى موسى إني مرسل (3) على أبكار آل فرعون في هذه الليلة الطاعون، فلا يبقى بال فرعون من انسان ولا دابة الا قتله فبشر موسى قومه بذلك، فانطلقت العيون إلى فرعون بالخبر، فلما بلغه الخبر قال لقومه: قولوا لبني إسرائيل: إذا أمسيتم فقدموا أبكاركم وقدموا أنتم أبكاركم واقرنوا كل بكرين في سلسله، فان الموت يطرقهم ليلا، فإذا وجدهم مختلطين لم يدر بأيهم يبطش، ففعلوا، فلما جنهم الليل ارسل الله تعالى الطاعون، فلم يبق منهم انسان ولا دابة الا قتله، فأصبح أبكار آل فرعون جيفا و أبكار بني إسرائيل احياء سالمين، فمات منهم ثمانون ألفا سوى الدواب.
وكان لفرعون من أثاث الدنيا وزهرتها وزينتها ومن الحلي والحلل ما لا يعلمه الا الله تعالى، فأوحى الله جلت عظمته إلى موسى صلوات الله عليه إني مورث بني إسرائيل ما في أيدي آل فرعون، فقل لهم: ليستعيروا منهم الحلي والزينة، فإنهم لا يمتنعون من خوف البلاء، وأعطى فرعون جميع زينه أهله وولده وما كان في خزائنه، فأوحى الله تعالى إلى