أشجارهم كلها فهالهم ذلك، فقالت فرقه: سحر آلهتكم هذا الرجل الذي يزعم أنه رسول رب السماء والأرض، وقالت فرقه: لا، بل غضبت آلهتكم فحجبت حسنها لتنتصروا منه، فاجتمع رأيهم على قتله، فاتخذوا أنابيب طولا من نحاس واسعه الأفواه، ثم أرسلوها في قرار البئر واحدة فوق الأخرى مثل البرابخ (1) ونزحوا ما فيها من الماء، ثم حفروا في قعرها بئرا ضيقة المدخل عميقة.
فأرسلوا فيها نبيهم صلوات الله عليه وألقموا فاها صخرا (2) عظيما، ثم أخرجوا الأنابيب من الماء، فبقى عامه قومه (3) يسمعون أنين نبيهم عليه السلام، وهو يقول: سيدي قد ترى ضيق مكاني وشده كربي، فارحم ضعف ركني وقلة حيلتي، وعجل بقبض روحي، فمات صلوات الله عليه، فقال الله عز وجل: يا جبرئيل لأجعلنهم عبره للعالمين، فلم يرعهم وهم في عيدهم ذلك الا ريح عاصفة شديدة الحمرة، فتحيروا وتضام بعضهم إلى بعض، ثم صارت الأرض من فوقهم كبريتا يتوقد، وأظلتهم سحابه سوداء، فذابت أبدانهم كما يذوب الرصاص (4).